الجمعة، 24 فبراير 2017

تابع

مولد سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم

كما أسلفتُ سابقاً عن حبي للشيوخ ورفقتهم كانت كذلك لي حب غير طبيعي للموالد النبوية على الطريقة الصوفية، ولا أدري إن كنت سأختم حياتي صوفياً، فأنا من العاشقين لهذا المذهب بمعناه النقي دون فلسفة الفلاسفة وتعقيداتها بهذا الموضوع.  وكنت تواقاً للموالد التي انقطع الحديث عنها حتى بالأردن قبل حضوري لسلطنة عمان.  وعندما حضرتُ و رأيت الوضع هنا لم أبحث عن هذه الموالد ظانا أنني لن أجدها.

في حوالي عام 2002 وببداية  معرفتي بأسيادنا المشايخ سمعت عن احتفال بالمولد النبوي بمسجد حمدان فقلت على ما أذكر للشيخ ربيع إمام مسجد سلمان الفارسي أنني أتوق لمولد من موالد أيام زمان : مدائح وذكر للنبي صلى الله عليه وسلم وتعداد لصفاته، فقال كان في صلالة شيخ يجيد التواشيح، فقلت لو انني عرفته لاحتفلت بالمولد على هذه الطريقة.  وكانت المفاجأة أن الشيخ ربيع اخبرني بعدها بأسبوع تقريباً عن وجود شيخ ثاني عنده هذه الموهبة، فعقدتُ العزم على الاحتفال بالمولد، وقد كان.

كانت تربطني علاقة بالشيخ قدري (عبد القادر الشربيني) جديدة لأننا كنا سنِحُج سوياً هذه السنة ولكن شاءت الظروف غير ذلك، وذهبت مع شركة أخرى، لكني بقيت على تواصل معه بعد أن عرفت بصوته الرائع بتجويد القرآن، وداومت على صلاة الفجر والعشاء معه حيث لاحظت أنه كان يقرأ بطريقة ختم القرآن؛ اتصلت به وناقشت معه الفكرة فرحب بها وناقشت معه طريقة إخراج الحفل فقد كنت أريده حفلاً جاداً و ليس مجرد لقاء فقط.  ونصحني (وكنت سأفعل ذلك طبعا) بالترتيب مع الشيخ محمود غريب للتنسيق مع المشايخ الآخرين. وهكذا كان المولد الأول. وبالمناسبة فإن أبا اقبال قد بادر هو الآخر بعد المولد بعمل حفل آخر بعد ما رأى روعة المولد عندي.  

لقد رتب للمولد الأول بشكلٍ رائع كما قال المشايخ بعد ذلك و على المنبر قال الشيخ محمود باليوم التالي : لقد سهرتُ سهرة بحب المصطفى صلى الله عليه و سلم ما سهرتها بصلالة منذ وصولي لها".  أحضرتُ آلة التسجيل ورتبت لعشاء (القبولي العماني مع ذبيحتين) ودعوت الكثير من الإخوة لهذا الحفل، فقد هدفت لأن أسُن سنة حميدة بهذا المجال. فقد حضر السادة الشيوخ وتفاجأوا بأنهم ليسوا الوحيدين. وقد كان هناك ضيوف ثابتين بالمولد، وحرصت على دعوة كل باسمه على عدد الكراسي حيث كنت أرتب ل 25 شخص بالمولد، وإذا اعتذر احدهم أدعو شخصاً آخر فقد كنت اريدها ليلة لا تنسى بحبه عليه الصلاة والسلام. والحضور الدائمون هم الشيخ محمود غريب والشيخ قدري والشيخ عبد المنعم هارون والشيخ محمود عبده والشيخ ربيع والشيخ بدر شيخ التواشيح والشيح محمد عودة والشيخ خديوي وكذلك الأستاذ أبو اقبال والدكتور جمال الدليمي والأخ محمد الجراح (أردني). وكنت أدعو جيراني من الجالية العراقية فليس من المعقول تجاوزهم بيوم كهذا وكانوا يحضرون. طبعا هناك أشخاص حضروا وذهبوا ولكنهم لم يكونوا دائمين. وفي اللقاء الأخير الذي كان كذلك عقيقة لولدي أحمد تمثلت الأمم المتحده بالحضور بعد أن كانت الجامعة العربية فقط، فقد حضر هذا الولد الأخ لورنس و هو مسلم أمريكي.

جرت العادة أن يكون عريف الحفل أو مدير الندوة أحد الأفاضل الشيوخ وقد كان الشيخ ربيع هو مديرها لمولدين: فيقدم للمناسبة ويعطي الشيخ قدري المسجل فيقرأ ما تيسر من القرآن الكريم بصوته الشجي، ثم يتحدث الشيخ عبد المعنم هارون بأسلوبه الساحر ومواضيعه الاجتماعية التي يستغل المناسبة لتمريرها، وكذلك يتحدث البحر الذي لا ينضب؛ إذا بدأ لا تحسبه سينهي حديثه في ساعات وهو الشيخ خديوي هذا الأديب الفذ الذي يتحدث وكأنه يقرأ من كتاب فلا تمل له حديثاً أبداً.  ويكون مسك الختام التواشيح التي يسحرنا الشيخ بدر أمير بارك الله فيه فنشاركه بالصلاة على الرسول وترديد اللازمة كذلك. وكذلك الشيخ محمد عوده الذي كان مفاجأة اللقاء الأخير فقد اعتد الحضور على الشيخ بدر أما هو فكان إضافة فعلاً.  وننتهي بشكر لهم جميعاً .  أنسخ الشريط بعدها نسخاً بعدد الموجود وأوزعه على الحضور بنفس الأسبوع.

بعد الانتهاء من مراسم المولد تتحفنا أم محمد بصواني الكنافة التي تجيد صنعها بشكل لا يقل جودة عن كنافة المحلات بأربد، بشهادة من ذاقها، وهم كُثر بالمناسبه، وليس حاضري المولد فقط، فعادة ما تكون الكنافة خاتمة الزيارات والمناسبات عندنا.       

المهم بذهاب سيدنا الشيخ محمود تغير كل شيء، ورغم قدرة السادة الشيوخ جميعاً وفضلهم علينا إلا أن للشيخ محمود غريب كاريزما مختلفة لا يشغلها غيره، فقد كان كما قال الشاعر:
لا جلست إلى قوم أحدثهم       إلا كنت حديثي بين جلاسي
هذا ما كتبته على مدونتي التي خصصت لها صفحة لفضيلة الشيخ محمود "اليوم هو الجمعة 9 / 9 / 2011 غادرنا الشيخ محمود غريب إلى مصر منهياً خدمة فاقت الثلاثين عاماً بصلالة.  هذا اليوم سنصلي الجمعة ونعود إلى بيوتنا كما يعود باقي المصلين دون تأخير، فلا ندوة أسئلة ولا جلسة بعد الصلاة مع سيدنا الشيخ.
وإن كنا نفتقد الشيخ إلا أننا نتمنى له حياة سعيدة بمصر"
الفاتحة لروحه الطيبة
الموالد العمانية

وحتى لا تكون الصورة مصرية فقد تعرفت على مسجد يقام فيه المولد كل يوم خميس، حيث يقوم الشيخ سعيد الرواس بقراءة كتاب المولد وفيه بعض الأناشيد التي يداولها الناس بهذه المناسبة طبعا.  ويشاركة من كان يحضر القراءة، ولكني لا حظت أولاده الصغار يقرأوون قراءة يعجز عنها الكبار، وقد أصبحوا شبابا، وهم مطيعون لوالدهم حيث يفهمون عليه بالإشارة.

وعندما نصل إلى محل القيام نقوم لننشد يا نبي سلام عليك بينما يقوم اولاد الشيخ برش العطور علينا وإدارة البخور. وعندما ننهي النشيد ونجلس يدور علينا أحدهم بصحن حلوى ويقوم المؤذن بصب القهوة العمانية. وكان الشيخ ينهي المولد بالدعاء للحضور بالتوفيق ولأمواتهم بالمغفرة ببركة الرسول الكريم.

مسجد عقيل

 عند بداية شهر ربيع الول شهر مولده صلى الله عليه وسلم يكون الاحتفال الأكبر بمسجد عقيل بصلالة وهو مبني على الطريقة القديمة، حيث يتجمع الناس وأغلبهم من قبيلة السادة لقراءة المولد من قبل المشايخ وغالبا ما يكون الشيخ الحبيب من اليمن ضيفاً عليهم. ويكون هذا المولد أكثر طولا من المولد الذي كنا نقرأه بمسجد الشيخ سعيد الرواس.

يعقب هذا المولد وجبة عشاء كبرى يدعون إليها كل ما حضر للمجلس فيلبيها من يسمح ظرفه ومن كان في عجلة من أمره كحالتي يكتفي ببركة الدعاء وشرف الحضور وينصرف. ولم يقدر لي حضور المولد في هذا المسجد أكثر من مرة واحدة. في حين أني حضرت المولد مع الشيخ سعيد أكثر من مرة وشاركتهم القراءة مراراً، وقد سجلت فيديو ورفعته إلى اليويتوب وعنوانه " يا نبي سلام عليك  من صلالة".

كل عام وأنتم بخير

صلى الله على محمد

صلى الله عليه وسلم. 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق