ندوة الأسئلة
وكانت ندوة الأسئلة التي يعقدها
بعد صلاة الجمعة؛ يجيب فيها فضيلته على أسئلة الإخوة المصلين، حيث يجلس على كرسي
بعد صلاة الجمعة ويحمل مايكرفونا ويقول ابن الحلال يفتح الباب والعاشق بجمال النبي
يصلي عليه، فيبادره أحد الإخوة الحضور بسؤال فيجيب، وهكذا إلى أن تنتهي الندوة بعد
نصف ساعة تقريباً، وكانت هذه الندوة أسبوعية إلى أن صدرت تعليمات بوقفها عندما
انتشرت أخبار عن انفلونزا الخنازير ثم عادت من جديد.
لقد كان لهذه الندوة فوائد عديدة عادت عليّ شخصياً وعلى غيري من الحضور
بالنفع والفائدة، فقد ازداد وعيي وإدراكي لأمور كثيرة بالدين نتيجة التناول
العقلاني لسيدنا الشيخ للمسائل الدينية ومشاكل العصر، وكثيراً ما ينهج نهج الشيخ
الشعراوي بالشرح. وكان فضيلته يشير الى
دور علماء كبار مروا بصلالة وتعرف عليهم هو شخصياً، ومنهم من عرفت و منهم من لم
أعرف، فكان كثيرا ما يشير الى الدكتور أحمد كريمة من كلية التربية الذي جاءنا معزيا
بوفاة الملك حسين رحمه الله.
كذلك هناك دور مهم لهذه الندوة وهو
دور اجتماعي، فقد تشكلت مجموعة أصدقاء يعرف بعضنا بعضاً ويسأل عنه إن غاب، فقد
عرفت الكثير بالشكل والصورة ففي ندوات كهذه يجتمع بها الحضور على حب الله ورسوله
تصبح الأسماء غير مهمة. وبالمناسبة وبعد انقطاعنا عن مسجد المعشني لأنني (شخصيا)
ما أحببت أن أرى شيخا آخر يجلس مكان سيدنا الشيخ محمود، تشتتنا بالمساجد وتفرقنا،
وإذا صادف أحدنا الآخر يسلم عليه سلام الأخوة ويسأل عن أخباره ويتحسر على أيام
الشيخ محمود يرحمه الله.
صورة مع الأخ الكريم وأظن أن اسمه
المهندس علي والذي كان يحرص على تسجيل لقاءات سيدنا الشيخ محمود صوتاً وصورة، جزاه
الله كل خير.
درس الثلاثاء
اعتدنا على حضور درس الثلاثاء للتفسير القرآني بالمسجد وكان بعد صلاة
المغرب إلى صلاة العشاء، يجلس فيه الشيخ
على كرسي أو على الأرض ويأخذنا بعالم القرآن وسحر بيانه متنقلا من روضة إلى
روضة ومن زهرة إلى أخرى، يطوف بنا بالتفسير العادي ويأخذنا إلى ما بعد التفسير ويربط
الآيات بعضها ببعض فتخال نفسك أمام سيدنا الشيخ الشعراوي. وهنا لا بد من الإشارة إلى أني فهمي للكثير من
النصوص وخروجه في بعض المرات عن الفهم السطحي هو نتيجة متابعاتي لدروس الشيخ
الشعراوي منذ زمن وما أفاض الله به على فضيلة الشيخ محمود غريب من تفسير. وهذا يؤكد أن القرآن الذي جاء اعجازه في سحره
اللغوي لا يسبر غوره إلا عالم بأسرار اللغة العربية كأسيادنا علماء الأزهر الشريف.
نشطات أخرى لسيدنا الشيخ
لم تقتصر نشاطات سيدنا الشيخ على ندوة الأسئلة ودرس الثلاثاء إنما تجاوزها إلى
أبعد من ذلك كتسجيل القرآن الكريم مجانا, حيث كان يقوم به سيدنا الشيخ شخصياً
ببداية الأمر أيام الشباب ثم تولى ابنه مصطفى بارك الله فيه هذه المهمة قبل ان
يلتحق بعمله بمصر ليقوم بهذه المهمة بعد ذلك أحباب الشيخ من أصدقائه الكثر. وهنا لا بد لي من وقفه عن مصطفى بارك الله به و
هي إضافاته لنا برمضان وبعد صلاة التراويح حيث نجده وقد جهز عصير السوس فنشرب
ونمازحه وندعو له بالتوفيق ولسيدنا الشيخ بطول العمر.
كذلك كان الشيخ يشير كثيراً إلى كتبه من سلسة هذا نبيك يا ولدي ، وسورة
الواقعة و منهجها بالعقائد، وحتى لا نخطئ فهم القرآن والجنس ضرورة وضرر، والطلاق
وتحسبونه هيناً. وينتفض كالأسد الهصور
عندما يسمع على التلفاز أو ينقل له أحد الإخوة خبراً عن إساءة للدين أو للرسول الكريم،
فيسطر المقالات المتنوعة دفاعا عنه صلى الله عليه وسلم. و قد واضب على إرسال المقالات إلى المسجد حتى
بعد مغادرته السلطنة .
كذلك لم يبخل سيدنا الشيخ على المؤسسات التعليمية بصلالة بعلمه فكان يلبي
كل دعوة للإلقاء المحاضرات، ويسجلها وينشرها بتبرع من محبي الدين، و قد شرفني الله
بجزء من هذا الشرف حيث طبعت ستين شريطاً لمحاضرته التي القاه بالكلية التقنية بصلالة
عن الأخلاق بالإسلام. وكانت له محاضرة
رائعة بجامعة ظفار بعنوان " الا رسول الله".
و قد كان للشيخ حديث ثابت على التلفزيون العماني ودرس آخر بمسجد المعشني
المقابل للسوق الشعبي كل يوم خميس بعد صلاة الظهر بالإضافة طبعا لدروسه بجامع
المعشني الأساسي والجامع المعين به هو من قبل الديوان السلطاني.
وللشيخ أسلوب سلس سهل الفهم عميق المعنى يعالج به طروحاته سواء بندوة
الأسئلة أو المحاضرات أو البرامج التلفزيونية وقد شهد له كل من سمعه بالعلم. ولفضيلة الشيخ حس مرهف وروح فكاهية مصرية صرفة
يضاف إليها الروح الأزهرية، وكثيراً ما
كان يضحكنا عندما كان يقفل المايكروفون ليقول تعليقا عن النساء حتى لا تسمعه
النساء بجناح النساء ويخشى أن يعجب النساء، فيقول "أنا قفلت المايكروفون على
شانكم لأني خايف عليكم، أصل الكلام ده لو سمعوه الستات مش حيخلكوا تصلوا معايا
الجمعة الجاية" فنضحك جميعاً وأعرف طبعا من زوجتي أنهن كن يسمعن ما يقوله
فضيلة الشيخ. وكذلك كان يدعي عدم سماع السؤال عندما يُسال سؤالا خارج الطريق كما
يقولون فيقول "ايه، مش سامع، أوول تاني" فأتدخل أنا أو أحد الحضور عند
صاحب السؤال للتوضيح بالإشارة أن هذا السؤال خارج اختصاص سيدنا الشيخ. وفي بداية
كل ندوه وبعد الافتتاحية يقول "هاه، السؤال الأول فعندما لا يجد سؤالاً يقول
" طيب السؤال الثاني". وبالمناسبة
كان يفتتح معظم الأسئلة الأستاذ مراد وهو محاسب قديم من مصر، وكان يضحكنا كثيرا عندما
يتطوع فيتفتي فيقول فضيلة الشيخ هكذا أفتى المحاسب.
لفضيلة الشخ محمود افتقدناه جسداً ولكنه ما فارقنا روحاً وعلماً وهو معنا
بأشرطتة التي تصاحبنا في سياراتنا. فبارك الله فيه ونفع به المسلمين. هذا شيخ لم
يأخذ حقه من الدنيا ولكن " ما عند الله خيرٌ و أبقى".
بارك الله لسيدنا الشيخ بعلمه وجزاه الله عنا خير الجزاء. انتقل الشيخ الى الرفيق الأعلى بمصر، فنعيته
على الفيس بوك وسجلت فيديو عن مسجد المعشني ونشاطات الشيخ محمد عليه رحمات الله ورفعته
على اليوتيوب بعنوان " الشيخ محمود غريب في صلالة" و الفيديو بصوتي. رحمه الله سيدنا الشيخ محمود.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق