مقدمة
الفرج
لقد بدأت
سلطنة عُمان بتطوير الكليات المتوسطة للمعلمين فيها وزيادة عددها لتخريج معلمين
للمرحلة الإلزامية من أجل تعمين هذه المرحلة. وقد حدث اتصال بين وزارة التربية والتعليم
العمانية ووزارة التعليم العالي الأردنية لاستعارة معلمين من الكليات الأردنية
والتي كانت تعرف في ذلك الحين بكليات المجتمع وبدأت بالفعل سلسلة الإعارة منذ تلك
الفترة وهي عام 1985 / 1986 وقد ذهب أخي و زميلي بالدراسة والوظيفة الأستاذ
جميل مناصره معاراً إلى سلطنة عمان عام 1987 وكان مركز عمله في الكلية المتوسطة
للمعلمين بصلالة. وكنت أحرص على اللقاء به
في كل إجازة ليحدثني عن صلالة والإعارة ليعطيني دفعة من الأمل بأني سأحصل على
هذه الوظيفة، إنما هي مسألة وقت.
إن أول معلومة
حصلت عليها من الأستاذ الجميل جميل هو أن الرواتب لمعلمي الكليات مرتفعة وقد تكون
أفضل من الرواتب بدول الخليج الأخرى بخلاف رواتب المعلمين بالمدارس، فحدثنا عن سلم
الرواتب والدرجات الخاصة التي قال انه لا تُعطى للجميع وحسب الشواغر هناك، ولكنه
قال أن الدرجات الخاصة يمكن أن تعطى لفئة
معينة فقط ولم يكن هو على الدرجة الخاصة . وبالمناسبة فقد أصبحتُ خبيراً بالحديث
عن ميزات الخدمة بالكليات قبل أن أصبح عضواً فيها لأنني كنتُ مستمعاً جيداً
للأستاذ جميل و لزميل آخر من كلية مجتمع حوارة التحق بكلية القرم المتوسطة عام
1989 معلماً للتربية الرياضية وهو الأستاذ جاسر عنانزة.
لا أدري فربما
يكون هذا نوعاً من الاستشراف المستقبلي فقد تعلق القلب بعُمان من تلك الأيام، وكنت أعتبر المسألة مسألة وقت و أنا خارج إلى صلالة
قطعاً، لذلك بدأتُ بجمع المعلومات عن عُمان عامة وصلالة خاصة، كان أكثر ما يهمني
بهذه المعلومات هو الطقس شأني شأن كل مغترب مع العلم أنني ما كنت لأتردد بقبول
الأعارة حتى لو كانت جحيماً والسبب يعرفه كل أردني طبعاً وهو تأمين المسكن للعائلة
التى بدأت بتكوينها عام 1986، فالمسالة لا تحتمل أن نبقى نسكن بشقة بإيجار
شهري، والسبب الأخر هو كما أسلفت سابقا أن باب الإعارة قد أغلق علينا إلا باب عُمان
وسبب ثالث قد لا يصدقه القارئ و هو فعلا عدم رغبتي بالرجوع لمستوى التدريس
بالمدارس معلماً بعد أن كنت أخرّج المعلمين بكلية مجتمع حوارة.
لقد كان كل ما
جمعته عن سلطنة عمان يقربها مني يوماً بعد يوم فلم أسمع عنها وعن شعبها إلا كل
خير، أما ما سمعته عن صلالة فكان من الروائع التي كنت أعتقد أن محدثي يشوقني إليها
مجاملة فلا يمكن أن تكون مدينة بالخليج بهذه الروعة، فالخليج بلد الحر و الصحراء
مما جعلني أكثر من الدعاء في صلاتي لأن أكون في صلالة معتبراً أمر القدوم إلى
سلطنة عمان تحصيل حاصل كما يقولون.
جاء الفرج
في
بداية شهر حزيران (يونيو) من عام 1990 وفي
حوالي الساعة الخامسة عصراً وبعد عودتي وزوجتي وأطفالي الصغار من واجب اجتماعي
قصدنا به وجه الله، فحفظه الله ونسيه المستفيدون منه، طرق بابي الأستاذ نواف
عبيدات زميلي في كلية مجتمع حوارة حاملا البشرى (نعم هي بُشرى، فأنا لا أخفي
عواطفي ولا أتستر خلف قناع زائف) بأنني مطلوب لمراجعة اللجنة العمانية لاختيار
معلمين للكليات المتوسطة في نادي طلبة سلطنة عُمان. وبسرعة تمت الإجراءات وقابلت
الأستاذ جابر العبري مدير دائرة إعداد و توجيه المعلمين بوزارة التربية و التعليم
العُمانية آنذاك، وكانت عبارة عن إجراءات بسيطة لأننا أُخذنا كمعارين من الوزارة
وليس تعاقداً شخصياً.
عدت الى البيت
لأجدد جواز السفر و أعود باليوم التالي لأجد فوق الطلب الذي يخصني كلمة
"مناسب" وعلى جدول الأسماء الذي كان موجوداً على الطاولة كلمة صلالة والحرف
" هـ" مقابل أسمي، وعلى الفور وقع في نفسي أنني اُخترت لكلية صلالة وأن
الدرجة التي أُعرت عليها هي الدرجة الخاصة " هـ" التي كنت أسمع عنها،
فطرت فرحاً، ولكن سرعان ما خمدت الفرحة عندما علمت أنني الوحيد الذي اطلع على هذه
المعلومات دون غيري فقلت في نفسي أنني ربما تسرعت برؤية الأشياء ، وأن هذه الأشياء
ستتغير فلا داعي لهذا الفرح، فعدنا إلى المربع الأول من القلق.
وفي شهر تموز
( يوليو) استكملنا جميع الوثائق و أصبحنا ننتظر التأشيرات وتذاكر السفر الى أن حدث
ما لم يكن في الحسبان.
بلغت
القلوب الحناجر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق