تقديم النقوط ( مغبور).
هو المبلغ من المال الذي يقدمه الحضور للعريس بعد الغداء كما نفعل بالنقوط
عندنا في الأردن. لاحظنا بأول عرس دُعيت له طبعاً أن هناك رجلاً يجلس على طاولة
وكرسي وأمامه شنطة سمسونايت أو ما شابهها ودفتر يسجل فيه أسماء الواهبين
للمال. فالعملية كما نسميها في الأردن سلف
ودين. هذا وضع طبعا لم يكن غريبا علينا نحن الأردنيين باعتبار أن هذه العادة قديمة
عندنا.
وإذا كان الحضور من قبائل مختلفة
من الجبل مثلا فإنهم يتجمعون في مكان ما مقابل الخيام ويبدأوا بالأغاني ويرقص
أمامهم شبابهم بالسيف وهذا الرقصة تسمى الهبوت ويتقدمون باتجاه خيمة الغداء وبنفس
الوقت يكون أقارب العريس قد تجمعوا وبدأوا
يرددون أغاني الخاصة باستقبال الضيوف؛ فالضيوف يشيدون بكرم وجاه القبيلة ويقابلهم
المعازيب بنفس القدر من أهازيج المدح. وفي كلتا الحالتي طبعا يكون شباب السيف
يقفزون أمامهم بحماس وخفة ملفتة للنظر. وبعد الغداء يساهمون فرادى بدفع المال ويُسجل
قيمة ما دفعوا. يستمر الأكل من الساعة الثامنة إلى حوالي الساعة الثانية وبعده يعلن
أن مراسم الغداء قد انتهت، وتبدأ بعدها مراسم عقد القرآن.
عقد القران
يكون عقد القران في المسجد ويجري مراسم العقد أحد القضاة الموكلين بهذه
العملية وتكون كما تعلمون بنفس الطريقة من حيث الإيجاب والقبول بين العريس ووكيل
العروس. ويحضر عقد القران تقريباً كل من حضر الغداء من أهل العروسين، ويكون المسجد ممتلئا كله. وينطلق الجمع بعد هذا
إلى بيت العريس. فإن كان قريباً ساروا على الأقدام وأن كان بعيداً ركبوا سيارتهم
حتى يصلوا لمنطقة قريبة ثم يكملوا المسافة الباقية مشياً يتوسطهم العريس الذي يكون
بالبشت حاملاً سيفا على كتفه. ويحرص الجميع أن لا يكون أحد يلبس البشت بالموكب غير
العريس حتى يكون مميزاً ومعروفاً. ويتقدمون نحو البيت وهم يهزجون أغاني الهبوت،
يتقدمهم الشباب بالرقص بالسيوف ويهزونها بقوة الشباب. ويستمر الموكب إلى أن يصل
البيت. والسبب في هذا الاستعراض طبعا والاصرار
على دخول العريس بيته بالهبوت هو أنه من حسن الطالع ولا يجوز أن يدخل بيته على
السكيت.
عند وصول العريس تكون النساء بالبيت مستعدة للاستقبال بالزغاريد التي
يسمونها "يبلل" ، وتكون النساء على مجموعتين تأخذ هذه المجموعة دوراً
وتليها الأخرى في الزغاريد وربما يكن أكثر
من مجموعيتن. واكتشفتُ لاحقاً أن في بعض الأعراس كانت هذه الزغاريد مسجلة على مسجل
وذلك لأنها لا تنقطع لساعات. وبالمناسبة لا يمكن رؤية النساء ولكن كل الزغاريد تسمع
من السماعات التي تكون على الشبابيك.
لباس العريس
بعد أن يأخذ العريس حمامه يلبس
العريس دشداشة بيضاء فاخرة تسر الناظرين ويتمنطق حزاماً فضياً ثميناً (حسب مقدرة
العريس) والخنجر العماني المشهور والمصنوع من الفضة كذلك. ويلف حول خصره الشال وهو من القماش الفاخر
أيضا. وطبعا يضع على رأسه المصر الذي
يشتهر به العمانيون. ويكون بألوان زاهية يغلب عليها طابع الوقار والحشمة ومنها من
يكون موشحاً بشعار السلطنة. كذلك يلبس
العريس البشت؛ وقد كان لزاماً في القديم أن يكون هذا البشت أسوداً لكن طرأ هناك
تغير جديد على لون البشت وأصبحنا نجد ألواناً أخرى لا تقل روعة عن الأسود، لكن يجب
أن يبقى بشت العريس مميزاً. وحتى تكتمل
الأبّهة يحمل سيفا بيده مستندا على كتفه ليسير بفرح وشِيخة يغلب عليها الوقار بين أهله وقبيلته وهم يزفونه بيوم سعده إلى عروسه.
مع الزميل أحمد المعشني بعرسه
مع الزميل مسلم المهري بعرسه
زُهبة العروس
وتعني كلمة زُهبة العروس المكياج وكان هذا يختلف عن المكياج هذه
الأيام. فكان المعروف هو الزُهبة
الظُفارية المشهورة عندهم. وهذه الزهبة
لها الاخصائيات بهذا النوع ويسموهن المزهبات. وهذا يعتمد على الكثير من كريمات
الأساس ليعلوها أصباغ وخطوط حول العيون والوجه بطريقة لم نعهدها عندنا بالأردن.
بدأت هذه الطريقة بالمكياج بالاختفاء شيئاً فشيئاً إلى أن ذهبت إلى غير
رجعة؛ وحل حلها المكياج العادي الذي نعرفه و يسمونه المكياج اللبناني.
لباس العروس
تلبس العروس ثوبا أسوداً تقليدياً من أفخر أنواع الثياب فالأسود هو سيد الألوان
بالنسبة للمرأة الظفارية وهو لباس الفرح تزهو به بكامل أنقاتها ومكياجها وصيغتها من الذهب التي لم يبخل عليها والدها بها، تضع
على رأسها الشيلة الظفارية.
لكن ومع دخول القرن الجديد اتجهت بعض
العرائس ومن باب التقليد أيضا إلى لبس الثوب الأبيض والطرحة ولكنه ربما كان
لغايات التصوير في الصالات التي أصبحت يتجه إليها الظفاريون ليتم الاحتفال بوداع
بناتهم فيها بدلا من البيوت؛ وهذه الصالة طبعاً مدفوعة التكاليف من قبل العريس
الذي قد لا يدخلها.
هذه الصالات هي نتيجة الحداثة طبعاً وهي مثار سخط المجتمع المحلي
ويرفضونها، وقد شهدت مرة في أحد المساجد أكثر من مداخلة بعد الإعلان عن دعوات
الأعراس من قارئ الدعوات وساعده بعض الشيبان الآخرين حث الناس أن لا تذهب للصالات
لأنها تكلفة إضافية لا ضرورة لها. لكن لا
نعلم إن كان هؤلاء سيرفضون ذلك حقيقة إن طُلب منهم الذهب للصالة.
السهرة
في الفترة الفاصلة بين وصول الموكب للبيت إلى ما قبل وصول العروس يتم
التحضير طبعا للسهرة التي تبدأ بعد العشاء بانتظار وصول العروس. وتكون السهرة بحضور مطرب محلي يغني الأغاني
الشعبية وبعض الأغاني الخليجية المشهورة والشباب والكبار يرقصون البرعة؛ وهي عبارة
عن رقصة شعبية يشارك بها أثنان فقط يحملان خنجرين ويقفزان بطريقة واحدة لفترة من
الزمن ثم يسلمان الخنجرين لأخرين وهكذا حتى يصل موكب العروس والمعروف باسم
التحويل.
التحويل
هو موكب العروس الذي ينقلها من بيتها إلى بيت العريس بسيارة فارهة حتى لو تم استعارتها من أصدقاء العائلة
إن لم يكن لديهم سيارة تليق
بالتحويل؛ إلا أن هذه السيارة تخلو
من الزينة كما هو الحال عندنا. فلا تُعرف
سيارة العروس إلا عندما تصل بيت العريس فيفسحون لها المجال لتقف عند الباب حتى
تنزل العروس. ويسير الموكب بطريقة هادئة تخلو من الهرونات (الزوامير) باستثناء
إعطاء إشارة الرباعي (الفلشر) حتى يعرف الناس أن هذا تحويل. ومن الملفت للنظر أن موكب التحويل يحضره كل أقارب
العروس وإن كانت من قبيلة أخرى يحرص معظم أفراد القبيلة القريبين من العروس على
الحضور حتى يعطوا للعروس نوعاً من الهيبة والفخر والعزوة.
لقد كانت العادة قديماً عند وصول التحويل أن تطفئ الأضواء حتى تدخل العروس
لمخدعها وهي تمسك بيد أمها وبعض أخواتها فترشدهم طبعاً إحدى قريبات العريس
المقربات جدا للمخدع؛ ولكن هذه العادة اختفت هذه الأيام أقصد عادة إطفاء الأضواء؛
لكن ينشغل الرجال المستقبلون بالسلام على
الضيوف في حين تُدخِل النساء العروس لغرفتها حيث تبقى جالسة لوحدها بانتظار العريس
الذي يكون جسمه في الخارج مع الضيوف وعقله في الداخل عند العروس طبعاً، وتحرص أم
العروس أن لا يدخل على ابنتها أحد من نساء أهل العريس قبل أن يدخل العريس مهما طال
الأمر، وهذا أيضا من باب رد العين والحسد؛ فقديماً كان ينتظر إلى أن ينصرف الجميع
من العشاء الذي يكون أيضا القبولي. أما
هذه الأيام فلا يتأخر كثيراً، إذ يستغل أول فرصة للتزويغ من الربع للدخول على
العروس.
المصابحة
كانت هذه عادة في التسعينات تأخذ
شكل الاحتفال الرسمي كما لو كان يوم العرس نفسه فتضيف تكلفة إضافية مضاعفة على
المعنيين؛ لكنها انقرضت وأصبحت تشبه الصباحية عند المصريين. حيث يحضر الأهل وربما
نساء القبيلة للسلام على العروس التي تستقبلهن وهي جالسة لا تقوم من مكانها ولا تأتي بحركة حتى لو استمرت
العملية لساعات بطريقة مؤلمة لها. وهنا
لا بد من العودة إلى لباس العروس للتأكيد أن العروس بيوم المصابحة تكون ايضاً باللباس
ألاسود و ليس الأبيض.
هدية أم العروس
كانت العادة زمان أن تنام أم العروس ببيت العريس لتكون أول من يطمئن على
ابنتها بيوم الصباحية. ففي الصباح تعم
الفرحة والبهجة بالبيت ويعلن العريس عن بهجته بخالته (حماته) على هديتها له
(العروس) وينفحها ببعض قطع الذهب ويقبل يدها.
عند حضور أهل العروس بيوم الصباحية تعود الأم معهم.
زيارة العروس
كما هي الأعراف في معظم الدول العربية لابد
للعروس من أن تزور أهلها بنهاية الأسبوع الأول من الزواج. وفي الحالة الظفارية كان
من المعيب على العروس أن تخرج من بيت زوجها قبل أن تزور بيت أهلها؛ وهذا يعني أنه
يحظر عليها الظهور بأي مكان قبل الزيارة.
لكن طبعاً هذه العادة تغيرت كما هي العادات الأخرى ولم يعد الأسبوع شرطاً
لهذه الزيارة.
وتشكل زيارة العروس لأهلها مناسبة احتفالية؛ فتحتفي بها العائلة وتقيم على
شرفها عزومة للمقربين من أسرة العروس والعريس؛ وقد تّذبح لها ذبيحة؛ ويعتمد طبعا
حجم العزومة على مقدرة الأب المالية.
وقد تبيت العروس عند أهلها بتلك الليلة وتحني الحناء مرة أخرى قبل أن تذهب
لدار زوجها. وقد علمت أن العروس كانت تحني الحناء كل أسبوع ولمدة سنة ولكن هذه
العادة اندثرت.
و دامت الأفراح حليفة دياركم العامرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق