المرأة الظفارية بالمجتمع
تتمتع المرأة الظفارية بمجتمعها بقيمة اجتماعية لا تتمتع بها أي امرأة كما عرفت بالعالم العربي على وجه العموم، ولا
أبالغ إذا قلت ربما بمناطق أخرى كما يتضح من أقوال الزملاء الذين زاملتهم بالكلية
من الجنسيات الأوروبية. طبعاً ربما لا
تعجبهم بعض الأوضاع الاجتماعية للمرأة الظفارية ولكنهم عندما يُقيّمون المرأة ككل
فإنهم في الغالب ينصفونها تماما. فلم أسمع
أن امرأة ظُلمت أو أهينت من قبل أخ أو أب أو زوج أبداً مهما كان خطاؤها، وهي ليست
حِملاً ثقيلاً على أهلها يودون التخلص منها بالزواج بأسرع وقت كما يحدث في بعض
المجتمعات، ولا يأكلون ميراث الأخت. ولقد
عرفت عائلة جهزت غُرفا مستقلة ببيتهم الجديد لبناتها المتزوجات ليناموا بها مع
أولادهن عندما يزرنهم.
المرأة العمانية
زوجة
عندما تدخل المرأة الظفارية بيت زوجها تصبح جزءاً من العائلة الجديدة رغم
أن عدد العائلة الواحدة قد يتجاوز الثلاثين شخصاً، فلا تناكفهم ولا يناكفونها؛ فلا
مشكلة تثار مع الحماة بل تناديها (الوالدة)، ولا أسافين تُدق من أخوات الزوج، وهي
بالمقابل لا تشتكي لزوجها من مواقف معينة من عائلته؛ وهذا حال الجميع حتى لو تواجد
الكثير من زوجات الأخ أو ما يعرف عندنا
بالسلفات، فالكل يعرف ما له وما عليه.
و أول ما تحرص عليه الزوجة الجديدة هو أن تبقى مع عائلتها الجديدة ولا تفكر
أبداً بالاستقلال إذ يُعتبر ذلك عيباً بحق أسرتها الأولى حيث لا تقبل أن يقال (
كيف تشله من أهله، عن زوجها) فهذا عيب عليها كأبنة قبائل. لكن عند توسع العائلة
تنتقل إلى بيوت أخرى أو ربما تكون لهم عمارة يستقل كل منهم بشقته.
وربما يعود السبب في هذا إضافة إلى التربية الاجتماعية أنه لا يوجد ما
يختلف عليه النسوة عادة وهي أعمال البيت لوجود الشغالات والمربيات، وهذا يختلف عن
مجتمعنا فالاختلاف بين النساء عندنا يحدث لأقل الأسباب.
المرأة الوالدة (المربية)
ومن دلائل احترام الأهل لابنتهم بعد زواجها هو أن المرأة التي تُنجب (تربي
باللهجة الظفارية) تخرج من المستشفى مع وليدها إلى بيت أهلها وليس بيت زوجها وتبقى
فيه معززة مكرمة بعناية الوالدة بابنتها من كل النواحي؛ ويتبعها خلال هذه الفترة
زوجها للاطمئنان وربما باقي الأولاد، فلا ينزعج أحد من وجودهم. وعند انتهاء فترة الأربعين يوماً تستعد للذهاب
إلى بيت زوجها كما العروس، حيث يحضر زوجها لأخذها من بيت أهلها؛ فتقيم الزوجة عشاء
كبيراً للأهل جميعا حيث تذبح به ذبيحة كوداع للبنت.
وعندما تصل إلى بيت زوجها تستقبل بالترحاب من قبل عائلتها الثانية حيث تجهز
لعشاء فاخر أيضاً يكون بنهاية الأسبوع تذبح فيه ذبيحة كذلك.
المرأة الظفارية أرملة أو مطلقة
عندما تتعرض المرأة الظفارية إلى طلاق أو وفاة الزوج تُخير بين أن تبقى
ببيت الزوجية اذا كان مستقلاً أو تنتقل إلى بيت أهلها مع أولادها إن كانت ذات ولد
مهما كان عددهم، فيُكرَم الأولاد إكراما لوالدتهم ولا يوجد عندهم تمييز بين هذا أو
ذاك من الأخوة أو أولاد الأخوات. لهذا لا
تُظلم المرأة العمانية ولا تقبل بالظلم، فإذا شعرت بالضيم من الزوج أو لم تعد تطيق
الحياة معه فإنها سرعان ما تطلب الطلاق، فلا يوجد من يجبرها على العيش مع زوج لا
تطيقه؛ فالطلاق ليس عيباً اجتماعياً هنا وإن كان أبغض الحلال إلى الله. ولو استعرضنا الحال عندنا بالأردن مثلا لوجدنا
أن نسبة كبيرة من النساء تفضل البقاء مع زوج لا تطيقه لعدة أسباب منها البعد
الاجتماعي، إذ لا تقبل أن يُقال عنها مطلقة أو أسباب عائلية كعدم قدرتها على
التأقلم مع عائلتها بعد أن خرجت منها خاصة إذا لم يعد الأب والأم على قيد الحياة
فلا يمكن العيش مع نساء الأخوة إضافة إلى البعد الاقتصادي؛ هذه الأسباب جميعها غير موجودة هنا بالمجتمع
الظفاري، لهذا فالطلاق ليس عيباً اجتماعياً هنا، وهذا يعني أن المرأة الظفارية هنا
تعيش في بيت الأهل بعد الطلاق أو الوفاة بنفس درجة الاحترام الذي حظيت به قبل
الزواج.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن المطلقة أو الأرملة لها نفس الفرصة بالزواج
أكثر من مرة شأنها شأن البنت البكر ولا ينتقص ذلك
من حقها باختيار الزوج فلا تُلزم بشايب قد بلغ من العمر عتيا (بختيار مكحكح
) لأنها أرمله ولها حقها بالمهر والاستعداد للزواج الثاني كعروس تدخل بيت الزوجية
لأول مرة، فلها نفس المهر ونفس الذهب ونفس الاحتفال كما البكر؛ ولا يهم العريس أن
يتزوج مطلقة أو أرملة حتى لو لم يكن العريس قد دخل دنيا الزواج من قبل؛ في حين أن
عندنا بالأردن لا يتقدم لخطبة الأرملة وبنسبة أقل للمطلقة إلا الكبار بالسن أو من
سبق لهم الزواج وانفصلوا عن أزواجهم بالطلاق أو الوفاة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق