الأحد، 9 أكتوبر 2016

الفصل السادي تتمة

احتفالات وزارة السياحة بالخريف (ميدان الاحتفالات)

 كانت السلطنة ممثلة بوزارة السياحة تحتفل بالخريف كل عام، فكانت تكثر حفلات السمر في ميدان الاحتفالات بأوائل التسعينيات في صلالة الجديدة؛ وهذا كما يتضح من اسمه منطقة واسعة شبيهة بملعب كرة القدم ولكنه معبّد، وكان يُستعمل بالاحتفالات الرسمية للمنطقة وتحيط به المدرجات البسيطة، حيث يجلس النظارة يراقبون المواطنين بالاحتفالات وهم يرقصون الهبوت وغيرها من الرقصات الشعبية.  و لقد كان هذا الميدان يستعمل بالخريف باستضافة الفنانين الخليجين وتطور الأمر لاحقاً لاستضافة المطربين العرب.  انا حضرت حفلات لفنانين يمينين لا أذكر أسماءهم رغم شهرتهم هنا، وحضرت لمطربين سعوديين ومنهم  الفنان محمد عمر و لا أدري هل ما يزال فنانا أم انه اعتزل الغناء و قد أعجبني جداً صوته، و ما زلت أذكر له أغنية "عشقت حرف العين من كل الحروف  كلما نطقت العين أشرق بحلاه". وكذلك تم دعوة الفنان السعودي الكبير عبد المجيد عبد الله حيث شدا بأعذب أغانيه هناك.  ولهذا الفنان ذكريات في نفسي ترتبط بهذا الماضي الجميل من أيام الخريف، وخصوصاً يا طائر الأشجان.  وفي سنوات لاحقة تم دعوة  العديد من المطربين العرب كماري سليمان وراغب علامة.  وقد كانت احتفالات السياحة بهذا الموسم تزيد وتتكاثر عاما بعد عام ولكنها بقيت في ميدان الاحتفالات إلى أن غادرتُ السلطنة سنة 1995.

وحتى لا نظلم ميدان الاحتفالات فمن الواجب الذكر بأنه كان المكان المناسب للاحتفالات الشعبية والرسمية بكافة المناسبات الوطنية و الدينية.  ففي العيد الوطني و عيد النهضة و أعياد الفطر و الأضحى كانت تنظم الاحتفالات فيه حيث هو المكان المناسب للهبّوت الظفاري.  و الهبوت يسمى باسم منطقته دائماً فكان عندهم ما يُسمى بهبوت الجبل و هبّوت البادية و هبوت الأرياف و هبوت المدن.  كان المهبتون يدورون بتلك الساحة الواسعة و هم يتغنون بعمان و جلالة السلطان لمدة من الزمن بين تصفيق و هتافات الحضور المستحسنين.  الهبوت لحنه مميز و كلماته لا يعرفها إلا الراسخون بعلم الهبوت، لكن يتم بالعادة نظم بعض القصائد حسب المناسبة تلك وهي على وزن الهبوت ينشدها المهبتون.


مسرح المروج

عندما عدنا  بعام 1997 لاحظنا تغيراً في المكان هناك حيث تم نقل المكان إلى سهل الجربيب في منطقة  تعرف بالمروج وأطلق عليها منطقة المهرجان.  يعتبر هذا المكان أكبر مساحة من منطقة ميدان الاحتفالات من حيث المساحة إذ لم تعد تكفي مساحة ميدان الاحتفالات من ناحية أخرى ارتأت البلدية تخصيص هذه المساحة لأنها كانت تخطط لتطوير هذا وجعله بيئة استثمارية إضافة طبعا للجانب السياحي.  في هذا المكان تم تخصيص مسرحٍ متطور للمطربين بتذاكر و ليست مجانا كما كانت بالسابق؛ وتم إنشاء مسرح المروج  وهو متعدد الأغراض فمنها الحفلات الفنية و المسرحيات وحفلات التخريج لطلاب الجامعة و الكليات، وقد أحييت الفرقة الفنية الأردنية  التابعة لوزارة الثقافة الأردنية حفلا فنيا متميزاً ببداية 2011، وكذلك أصبحت تقام على أرض المهرجان الألعاب الالكترونية للأطفال وأمكان التسوق العامة التي يحضرها مندوبون من كافة مناطق  يمثلون مختلف شرائح التسوق. كذلك تقام معارض  الكتاب.  وعند الاستراحة بين هذه الفقرات يمكن للزائر أن يستريح بأحد المطاعم المنتشرة هناك.

أصبح مهرجان خريف صلالة محطة مميزة عند معظم الفنانين توازي مهرجان جرش بالأردن أو قرطاج بتونس. لهذا لا غرابة أن تسمع بمحمد عبده و أصالة نصري و كاظم الساهر ممن يحيون ليالي الخريف إضافة للفنانين العمانيين. فقد أصبح المهرجان ذا قيمة استثمارية وترفيهية وثقافية للبلد، وأصبح يغطي نفقاته من ريع حفلاته وتأجير محلاته و تذاكر الدخول.

السياحة الخليجية

هذا التغير بالجو السياحي بصلالة جعلها محط أنظار السياحة الخليجية بالدرجة الأولى إضافة إلى تسويقها لاحقا على المستوى العالمي.  فعلى المستوى الخليجي أصبح السائح الخليجي يفضل صلالة عندما يريد أن يحضر بأسرته للسياحة، فتقارب العادات والتقاليد تجعل من السهل على الإخوة الخليجين التجول بصلالة بعائلاتهم دون أن يروا ما يمكن ان يُعكر خصوصياتهم كما يحدث عندما يسافرون إلى بلدان لا تناسبهم من هذه الناحية. كذلك فإن قرب المسافة نسبياً بين صلالة و باقي دول الخليج تجعل من السهل القدوم إلى صلالة بسياراتهم الخاصة وهذا يوفر عليهم مصاريف التذاكر.  لهذا شكلت صلالة  أحد الأعمدة السياحية الخليجية.

أما على الصعيد العالمي فقد وُضعت صلالة على خارطة السياحة العالمية على مدار السنة و ليس بالخريف فقط، فسكان المناطق البارد يفضلون  صلالة بأوقات الصيف مثلا، لكنها أصبحت محط أنظار السياح الأوروبيين؛ أصبحت تُنظم العروض السياحية إلى صلالة  بوساطة شركات الطيران العالمية و ترتب على هذا وجود الفنادق الحديثة فوجدت فنادق الكروان بلازا، و الهلتون و الماريوت إضافة للقرية السياحية الشاملة بمنطقة ريسوت، وكل هذه المناطق على البحر.

أما على الصعيد المحلي فقد انتعشت التجارة و افتتحت المراكز التجارية و انتعشت الشقق الفندقية المفروشة و كثرت،  إذ اصبحت عبارة ( شقق مفروشة للإيجار)  أمام عينيك أينما توجهت.  ومن الأشياء الأخرى التي انعشت مكاتب تأجير السيارات فتراها منتشرة بكل الأماكن بصلالة.

لهذا و بعد التوجه الاستثماري للخريف ولمهرجان الخريف السنوي نمت تجارة الشقق المفروشة فبنيت العشرات من العمارات و المئات من الشقق المفروشة لاستقبال السياح الخليجين.  كذلك توسعت شركات التأجير و أخذت الشكل الفندقي بوجود الاستقبال و الخدمة على مدار الساعة.  و يؤكد المسئولون أن نسبة إشغال الشقق و الفنادق في اشهر الخريف تكون بالعادة 100 %.  و يتراوح أسعار هذه الشقق حسب جودتها وحداثتها وفرشها، و السائح يدفع عن طيب خاطر.

شعبياً

لقد كان وجود الخيام بسهل إتّين ملفتا للنظر لي عند تجوالي الأول في صلالة فعلمت من بعض الإخوة هنا أن هؤلاء الناس يأجرون بيوتهم بالخريف للسياح و يسكنون بالسهل.  و هذه هي المرة الأولى التي سمعت بها بتأجير البيوت للسياح فكنت أظنهم يسكنون الفنادق فقط.  و مع مرور الزمن تعرفت على هذا الجانب المهم و الاستثماري للخريف، فقد سمعت عن أناس يؤجرون بيوتهم الفائضة عن حاجتهم أو شققهم الاستثمارية لبداية شهر يونيو حتى يؤجروها للسياح، و من أراد الاستمرار يدفع أجرة مختلفة، و كان ممن بعض أصحاب العمارات هنا من يرفض تأجير عمارته إلا بالخريف فقط لان المردود المالي لهذين الشهرين يساوي المردود المالي للسنة كلها و أذكر من هذه العمارات ما كان يُعرف بشقق المردوف التي أختفت و أظنها مكان فندق ظفار حالياً. 

أماكن الترفيه

كذلك كثرت أماكن الترفيه على مستوى صلالة فكثرت المقاهي وشاشات العرض ولا يكاد يخلو شارع من هذه المقاهي بعد أن كان عددها محدوداً جداً ببداية التسعينات وبعد أن كان الجلوس على الشوارع عيباً ومقصوراً على الوافدين فقط، فقد اصبح للجميع.
  
مطار و ميناء صلالة

كانت صلالة مدينة هادئة عندما جئناها 1990 لا توجد بها زحمة السير وهذا الاكتظاظ الذي تشهده بعد هذه الأعوام  وهذا ضرورة من ضرورات التطور.  وقد تطور كل شيء بصلالة إلا وللأسف مطار صلالة الذي بقي على حاله من يوم أن دخلت السلطنة إلى هذه الأيام باستثناء البناء الذي حدث فيه بعض التطور.  لكن الخدمة الفعلية بقيت على حالها ومقتصرة على الطيران العماني فقط وهذا الجانب الاحتكاري انعكس على تعامل الموظفين مع المسافرين، ولو دخل عنصر المنافسة لتغير الحال كما حصل بعمان تل عندما دخلت النورس والشركات الأخرى. 

اقتصر وجود شركات أخرى للطيران بصلالة على بعض الشركات التي تؤجر طائراتها للرحلات الجماعية للمعلمين إلى مصر والأردن والمغرب وتونس، أما على الصعيد المحلي فكان الطيران العماني وما زال مسيطراً على الأجواء.  وببداية عام 2000 دخلت شركات أخرى لتنقل الركاب إلى بلدانهم دون المرور بمسقط  كطيران الخليج الذي توقف بعد مدة بسيطة من الزمن وعند انسحاب السلطنة من الشركة، كذلك جاءت شركة طيران الجزيرة  الكويتية، والسعيدة اليمنية  ولكنها (طفشت أو طُفّشت).  وما زال المسافر يدفع 70 ريالا ثمن التذكرة لمسقط إضافة إلى سعر تذكرته إلى بلده الأم.

يشهد المطار هذه الأيام توسعة كبيرة و ربما ينعكس هذا على إدائه و تحويله لمطار دولي كما حدث بميناء ريسوت، وهذا أمل يراودنا بأن يصبح مطار صلالة مطاراً دولياً ينتقل منه المسافرون إلى وجهتم دون المرور بمرحلة الترانزيت، أو  يزداد عدد الرحلات لتصبح فترة الانتظار في مسقط قصيرة بدلا من قضاء الساعات، ونأمل كذلك بتوسيع خدمة المحولين إلى الشركات الأخرى ويتم الوزن وختم الخروج من صلالة، لأنه هذا مقتصر فقط على مسافري الطيران العماني.  وربما نأمل كذلك بتخفيض سعر التذكرة.  بعد الانتهاء من كتابة هذه الفقرة من الكتاب سمعت أن المطار الجديد سيبدأ أعماله من تاريخ 2/6/2015 .

هذا الأيام أصبح للخطوط القطرية و الهندية و العربية و دبي أوقاتاً منتظمة وهذا يعني بداية تحول مطار صلالة لمطار دولي بانتظار  الانتقال إلى الأبنية الجديدة للقادمين والمغادرين وسيكون الدخول عليه من جهة أتين وليس المدخل القديم. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق