الثلاثاء، 4 أكتوبر 2016

الفصل الخامس صلالة بين الأمس واليوم

الفصل الخامس

صلالة بين الأمس و اليوم

تطورت صلالة تطوراً كبيراً بين الأمس واليوم وأقصد بالأمس عام 1990 عندما دخلتها لأول مرة وهذه الأيام عام 2011.  فقد فرض عليها موقعها أن تتطور، فهي الواجهة الرئيسة لمحافظة ظفار وكما أسلفت سابقا فإنها تُعتبر العاصمة الثانية للسلطنة.  والتطور في سلطنة عمان لمن يعرفها لا يحدث بين يوم وليلة ولكنه تطور تدريجي يحسب لكل خطوة حسابها.

تقوم على إدارة محافظة ظفار إدارياً ما كان يُعرف بالتسعينات  مكتب "وزير الدولة ووالي ظفار محافظ ظفار لاحقاً" وتتبعه العديد من الدوائر التي تدير أمور المحافظة المترامية الأطراف، أما من الناحية الفنية و العملية فتديرها بلدية ظفار التي تعتبر الذراع الفني للمكتب في تلك الفترة، وأذكر أن منصب رئيس البلدية كان بالتعيين في تلك الفترة وقد تحول حديثا ليكون مجلسا بلدياً يتم بالانتخاب باستثناء الرئيس هذا العام 2011.   وعندما جئت للسلطنة كان الفاضل عبد الله عقيل أل إبراهيم رئيس لبلدية ظفار و من ثم جاء بعده المهندس العمري، ليخلفه بعد ذلك الشيخ الجليل سالم عوفيت الشنفري.

لم أشهد تطوراً كثيراً على المستوى الخدماتي في صلالة خلال فترة وجودي الأولى في صلالة فما رأيت من شوارع فيها بقيت على حالها حتى عدت إليها في عام 1997. وأذكر أننا مررنا بتجربة مريرة  (1993) عندما ذهبنا للسلام على الدكتور خلف هاجم التل عندما جاء عميداً للكلية الفنية الصناعية في بيته بالسعادة، فقد كانت الشوارع غير معبدة هناك، وعند السير فيها بالليل تكون كمن يعوم ببحر أو يسير بالصحراء على غير هدى بالنسبة للقادم الجديد إلى صلالة، أما أهل المنطقة فيحفظونها عن ظهر قلب.  وكذلك الحال بالنسبة لمنطقة عوقد الجديدة.  لكن هذا الواقع تغير و تعبدت الطرق و أصبحت هذه المناطق من أروع المناطق لمن يرغب بالهدوء.

وفي عام  2006 كانت بلدية ظفار على موعد مع سعادة الشيخ سالم بن عوفيت الشنفري المحترم، الذي قاد التطور في صلالة بحركة غير تقليدية فلمس المواطنون أثر ذلك في كل شارع من شوارع صلالة، فعُبدت الطرق وفتحت الشوارع الجديدة و لم تبق دخلة (داعوس) في صلالة إلا دخلتها آليات البلدية.  وشهدت تطوراً كبيراً في مجال النظافة بالمدينة كذلك.  وقد تم تغيير معظم أعمدة الإنارة بالشوارع، وتم إنشاء ممرات الرياضة إلى جانب الشوارع الرئيسة لممارسة رياضة المشي مع تزويدها بالأجهزة الرياضية لممارسة التمارين الرياضية، ولا ننسى كذلك ازدياد المساحات الخضراء بالشوارع، والاهتمام بمداخل المدينة.  وما يزال العمل مستمرا لفتح المزيد من الشوارع.

كذلك حدث تطور كبير بالنسبة لأماكن التسوق؛ فباستثناء سوبر ماركت الاستقرار بفروعه وحمدان الذي اختفى ايضاً بعد كتابة هذه السطور لم يبقَ من الأماكن القديمة للتسوق فقد تغير نشاط معظم الأماكن وتحولت إلى أنشطة أخرى.  لقد اختفت أسواق نورة و صلالة للتبريد والحديقة و ديراج وربما هناك من الأسواق الفرعية التي لم أعرفها.  لقد كان لسوق الاستقرار أكثر من فرع وكان هو المتحكم الوحيد بالتسوق وكان الفرع الرئيس بمنطقة نمرة خمسة بالقوف، ورغم توفر كل شيء تقريباً فيه إلا أنه كانت تغلب عليه الصفة الشعبية، وهذا ما جعله مستمراً ذلك لأن البلدة لم تكن مستعدة إلى نقلة كبيرة بموضوع التجارة؛ لكنه بقي على حاله و لم يتطور إلا متـأخراً، حيث تم إنشاء ما يعرف الآن بالاستقرار هايبر ماركت.

بالمقابل هناك سوق حمدان التجاري التابع لمجمع حمدان على طريق أتين.  ويتكون مجمع حمدان بالإضافة إلى شركاته الكبرى الأخرى من فندق  تم ضمه بالآونة الأخير إلى سلسلة هاملتون. وقد تم حجز الطابقين الأوليين منه لتكون كما يلي: الطابق الأرضي ويتكون من السوبر ماركت ومحلات الأقمشة والملابس ثم أدوات البناء، أما الطابق الأول فكان يؤجر كمكاتب لبعض الشركات  ومحلات خياطة للملابس الرجالية و النسائية ومحلات الحلاقة ومحل لبيع الأدوات التراثية العمانية.  أما الطوابق الأخرى فخصصت كفندق.

 في عام 1991 حضر إلى صلالة شخص أردني يدعى إبراهيم  مقدادي (أبو أحمد) من حاتم بالأردن ليعمل بسوق حمدان كمدير مبيعات.  ولكونه يحرص أن يكون ناجحاً فقد بدأ باستشارة الأردنيين حول نوعية البضائع التي تروق للمغتربين ليحضر منها للبيع، فأشار عليه الإخوة بأن يسترخص لأن الوافدين يحبون الأشياء الرخيصة ليحملوها هدايا.  وفعلا أحضر الرجل من بلاد التجارة ما خف حمله ورخص ثمنه ، وأصبح هذا القسم محجاً للمغتربين للشراء، وبهذا يكون قد خرج عن الخط الذي تسير عليه المجموعة وإن حقق الأرباح،  حيث كنتُ أسمع عن الشيخ حمد حمود الغافري أنه يريد لمجمع حمدان أن يكون مجمع النخبة ولا تهمه كثرة الرواد.  لهذا لم يستمر نهج الأخ أبو احمد التجاري و تغير من قسم كبير إلى مجرد محل صغير بالمجمع ثم اختفى ليصبح النشاط تابعا لسوبر ماركت حمدان.

  لقد بدأ هذا السوبر ماركت  كبيراً ورائعا ومتطوراً وربما سبق زمانه كسوبر ماركت، ولم يساعده موقعه في تلك الفترة حيث كانت تعتبر منطقته من  المناطق البعيدة عن صلالة.  وكان التسوق عندي متعة في حمدان حيث كنت أذهب إليه للتسوق وقضاء الوقت لأن التسوق هناك لم يكن مجرد كيس تأخذه تحت إبطك وتحاسب نصف ريال و تخرج.  لقد كنا نأخذ العربة ونتجول في أقسامه  فقط كان يحوي الكثير من المواد الرفيعة، لأنه كما أسلفت فهو للنخبة فقط وأذكر أنني تفاجأت عندما وجدت ضمن معروضاته سخان قهوة ب (91) ريال عماني فقد كان هذا مبلغا كبيراً (مهولاً) بالنسبة لسخان قهوة أي ما يعادل 170 دينار أردني، وبالمناسبة فقد وجدت نفس السخان وبنفس المكان من الرف عام 1997 عندما عدت للمرة الثانية إلى صلالة، ولا أدري إن كان تم بيعه بالتصفية أم لا.

للأسف لم يُكتب لهذا السوبر ماركت النجاح الكبير و لولا أنه يعتمد على الميزانية الكبرى لشركات الشيخ حمد لأقفلت أبوابه منذ زمن بعيد، فوجوده ضروري لقاطني الفندق والفلل السكينة التابعة لمجمع حمدان خلف الفندق.

النقلة الكبرى كانت بافتتاح مركز اللولو بمنطقة القوف نمرة خمسة بعد عام 2004 حيث كان مركزاً شاملاً متطوراً جذب إليه الزبائن من كافة أنحاء صلالة.  تبعه العديد من المراكز وخاصة الاستقرار هايبر ماركت، وكذلك بعض المراكز العالمية ذات الشهرة، فافتتح مركز السنتر بوينت للملابس وافتتح ماكس وهذا العام 2011 تم افتتاح اللولو هايبر ماركت حيث أكتب هذه الكلمات فيه الآن لأنه شامل لكل شيء بما فيها أماكن الترفيه للأطفال والعائلات لهذا تراه مزدحماً أيام العطل الرسمية ونهاية الأسبوع.

من المفارقات المضحكة بقصة المولات والمراكز التجارية هذه القصة الطريفة.  في يوم من الأيام جاءتنا رسالة على تلفوناتنا  في عام 2007 على ما أظن وبعد افتتاح اللولو الأول تبشرنا هذه الرسالة بافتتاح صلالة مول في منطقة عوقد، فذهلنا وقلنا ما هذه النقلة الكبيرة في صلالة نقفز من مركز اللولو إلى المولات دفعة واحدة " الله عليكي يا صلالة"، و جمعت العائلة (وربما فعل الكثيرون مثلي) وذهبنا إلى منطقة عوقد  لنرى المول.  واذكر أن زوجتي قالت مول في عوقد!! وهي تقصد أن عوقد بعيدة عن صلالة، فوضحت لها (كعارف بأمور التجارة، يعني خبير) أن هناك نمط من المراكز تفتح  عادة بعيداً عن المدينة مستفيدة من قلة إيجارات المحلات، ولهذا تكون أسعارها منخفضة وكنت أقصد ما يعرف بالانجليزية (outlet).  وقد أعيانا البحث في عوقد عن صلالة مول حيث كنا نبحث عن العمارات الكبيرة علها تكون مضاءة لتعلن الافتتاح، وعندما خرجنا من عوقد ولم نجد شيئا من هذا شعرنا بخيبة الأمل ، ولكنني جددت البحث مرة أخرى ولجأنا للسؤال وأصبحنا ننتقل من شارع إلى شارع صغير و من شارع صغير إلى أصغر إلى أن وصلنا صلالة مول  فوجدناه  وشعرنا بالإحباط لأنه كان سوبر ماركت متواضع .  لم أدخل (المول) ولكن العائلة دخلته و رجعت لي بعلبة بيبسي و بعض الذكريات عن هذا المول الكبير!!

هناك مجالات أخرى للتطور بصلالة مثل أماكن الترفيه و التسلية والمقاهي التي أخذت شكلا جديداً بعد إضافة  الشيشة إلى خدماتها وسيأتي الحديث عنها عندما نتحدث عن الخريف أو الأماكن السياحية في صلالة.




























ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق