الفصل الثامن
التكسي في صلالة
لا تتمتع محافظة ظفار بخدمة النقل العام كمسقط، إذ لا توجد بها الحافلات
التي تنقل الركاب من منطقة إلى أخرى، وربما يكون التفسير كما قال لي أحدهم أنه لا
توجد مناطق بعيدة حتى تتوفر فيها هذه الخدمة.
لهذا فالتنقل بين منطقة وأخرى يتم بإحدى الطرق التالية:
1) السيارة الخاصة
لمن استطاع إلى ذلك سبيلا. فالسيارة ضرورية جداً بمحافظة طفار وبدونها لا يمكن لك
أن تكتمل سعادتك خاصة إذا كانت لديك الأسرة.
لهذا يلجأ الزملاء الأجانب عند قدومهم لصلالة لاستئجار سيارة من محلات
التأجير لتبقى معه طيلة إقامته مقابل مبلغ شهري يقل طبعاً عن الأجرة اليومية
بكثير. ومنهم من يشتري سيارة جديدة من
الوكالة و يدفع ما يمكن أن يدفعه لصاحب المكتب و لكنه بالأخير يمتلك السيارة.
2) الأتو ستوب؛ وهذه
كانت شائعة جداً بأوائل التسعينيات وهي أن يؤشر صاحب الحاجة لأي سيارة فيقف له
صاحب السيارة ويحمله معه إن كان متوجهاً إلى ذلك المكان. وأحيانا يسأل صاحب
السيارة إن كان لديه الوقت كما حدثت معي مراراً صاحب الحاجة عن وجهته ويوصله إليها
حتى لو كانت ليست طريقه المنشود من قبيل المساعدة.
هذه الحالة الثانية كانت تخضع لاستغلال بعض القلوب
الطيبة من أناس لا يتمتعون بهذه القلوب فيؤشر للسيارة وبعد الجلوس يخبر السائق
بوجهته فيضطر صاحب السيارة أن يوصله خجلاً. طبعا هذه الظاهرة بقيت حتى كتابة هذه
السطور وإن قَلَّتْ بعض الشيء.
وأذكر أن أحد الزملاء من دولة عربية شقيقة أمضى الفصل
الثاني من العام الدراسي يصل إلى الكلية المتوسطة بهذه الطريقة، أما بالعودة فكان
يعود مع أحد الزملاء وبنفس الطريقة أي كما يقولون (على كتوف الأجاويد). وكان يدفعنا الفضول لسؤاله كيف يقنع أصحاب
السيارات بتوصيله للكلية رغم بعد المسافة (سبعة كيلومترات) فيقول مفتخراً بأنه
يؤشر لصاحب السيارة ويجلس ثم يقول على الكلية الله يخليك، فيخجل صاحب السيارة ويوصله
رغم أن وجهته قد تكون باتجاه عكسي. هذه الأيام اختفت هذه الظاهرة وأقصد بها ظاهرة
الخجل هذه، إذ لا يتردد صاحب السيارة أن يخبرك أنه لا يتجه الى تلك المنطقة.
3) سيارات التكسي.
وتمتاز خدمة سيارات التكسي بكل مناطق العالم بسمات مشتركة؛ فكما يقال أن نصف
المسجونين بالسجون ربما كانت بسبب المرأة فيمكن أن يقال نفس الشيء بالنسبة لحوادث
السير، فنصف حوادث السير بالعالم ربما كانت بسبب سيارات التكسي كذلك. فسائق التكسي يعتقد بأنه ملك الشارع؛ يقف حيث
يشاء وبأي وقت دون إشارة بمجرد أن ترفع يدك لتمسح شعرك فيعتقد أنك تريد تكسي فيقف
لك لتركب. كذلك ينعطف يمنة ويسرة دون إشارة لذلك للسبب ذاته. فهم جميعاً يبحثون عن
لقمة عيشهم ولهذا لا يهمهم غيرهم من المشاة أو أصحاب السيارات الآخرين. كذلك على الراكب أن يتحمل (خفة دم) بعض السائقين
فيفرضون عليه ما يشاءون من الأحاديث لأن السائق وحيد من الصباح ولم يجد من يكلمه
فيجدها فرصة لتفريغ هذا الكبت بالركاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق