الأحد، 30 أبريل 2017

تتمة الجالية الهندية

ينقسم المجتمع الهندي إلى ثلاث أقسام من حيث أصولهم الهندية. لكن قبل أن أدخل في التفاصيل يُسجل لهم وللتاريخ أنهم يعتزون بهنديتهم ولا يمكن الدخول اليهم من أي باب لتقسيمهم من خلال الدين أو الأصل على سبيل المثال. وأذكر أنه في عهد رئيس باكستان برويز مشرف حصل نزاع مع الهند أوشك على الدخول في صراع نووي، وهنا كان الهنود جميعهم مسلمون وهندوس ومسيحيون  وباقي الطوائف مع الهند ضد باكستان. وأذكر أن بعض المشايخ من جماعتنا الأردنيين من حاول شتم الهند فقام له هندي مسلم وطلب منه عدم فعل ذلك فقال له صاحبنا ولكنك مسلم وباكستان مسلمة. فقال أنا مسلم ولكني هندي أولاً. تمنيت لو أنني أسمع هذا بمجتمعنا الأردني في الداخل والخارج، هنا تمنيت لو وجدت من الأردنيين كالهنود بالانتصار لبلدهم ضد كل المسميات التي سمعنا ونسمع بها دائما.

القسم الأكبر من الهنود هم من منطقة كيريلا وهي أكبر ولايات الهند ويشكلون النسبة الكبرى من الهنود المقيمين.

كذلك الهنود المسيحيون والهندوس والسيخ. وكما أسلفت لا تميز أحداً عن آخر فكلهم هنود.  لكن إن قُدّر لك الدخول إلى عالمهم تجد أن بينهم ما صنع الحداد وكل فئة تشير إلى الأخرى بأنها أقل حضارة وهي الأرقى وهذه طبائع الشعوب لكني لاحظت شبه إجماع على الحذر من جماعة الكيرلا باعتبارهم لا يُأمن جانبهم، ويأتوك من حيث لا تحتسب. ولهذا وجب الحذر منهم، ويروى أنه إذا اختلف إثنان أحدهما من كيرلا يقول المليالي للآخر  (هيه تذكر أنني مليالي) والمليالي هي النسبة لكيرلا ولغتهم؛ وهذا الأمر قد يفسر شيئاً مهما وهو أنه ربما يكون الغيرة من أهل كيرلا.  

وللهنود ناديهم الخاص ومدرستهم التي تضم إلى جانب الهنود نسبة من أبناء العرب الذين يريدون تدريس أولادهم الانجليزية بقوة. وهي ذات نظام شديد جداً بما فيها مساقات اللغة العربية التي يدرسونها فقد ذكرتني بما درسته بالمدارس أيام زمان لصعوبتها. وكنتُ أساعد زميلاً هندياً بحل واجبات بناته باللغة العربية التي هي مادة إجبارية بالمدرسة ليقوم هو بتدريسهم عندما يعود للبيت.

ولهم أعيادهم كذلك التي لا يظهرونها بتاتا إلا ضمن المجتمع الهندي، فلم أسمع بعيد الميلاد المسيحي أو الديوالي (عيد هندوسي أو سيخ لا أعرف) يحتفل فيها بعُمان إلا عندما جاء الكنديون للكلية عندنا، فقد كان الهندي يحضر للدوام صبيحة عيد الميلاد أو رأس السنة الميلادية أو الهندوسية مثلا، ولم يطالبوا يوماً بيوم إجازة، وربما هذا سبب إضافي لحب الناس هنا لهم.


السبت، 29 أبريل 2017

الجالية الهندية بظفار

الفصل الأول

الجالية الأسيوية

سيكون الحديث في هذا الفصل عن الجالية الأسيوية وهم الهنود والباكستانيين والبنغاليين والفلبيين في صلالة. فلا يمكن البحث في أي جانب بدول الخليج عموماً دون التوقف عند ما يسمى بالعمالة الأسيوية.  فهم أكثر من الهَم على القلب كما يقولون، وينقسمون إلى ثلاثة أقسام:
1)     العاملون بالقطاع العام (الحكومي) وهؤلاء  ينطبق عليهم نظام الخدمة المدنية.
2)     العاملون بالقطاع الخاص (الشركات) وهؤلاء حسب عقودهم.
3)     العمالة السائلة أو السائبة التي لا تعمل تحت البند الأول أو الثاني وهم كلهم من الجاليات الهندية والباكستانية والبنغالية.  ويتم دخول هؤلاء إلى السلطنة تحت مسمى شركات لأغراض خاصة مثلاً ثم تنتهي الشركة ولا يتم تسفيرهم، فتبقى معهم الفيزا يدفعون مقابلها مبلغاً من المال للأرباب. وكلمة أرباب هنا تعني صاحب العمل أو الكفيل. وهذا النوع من العمالة تجده مطارداً من الشرطة لأنهم يعملون مع غير الكفيل أو بعمل لا يتوافق مع ما هو مكتوب بالفيزاء. فهم يظهرون ويختفون.
وسيكون الحديث هنا عن النوع الثالث "العمالة السائلة" وهم الهنود والباكستانيين والبنغاليين. وهم كالعمالة المصرية عندنا بالأردن ويعملون ما تطلبه منهم ولو لم يكونوا مهرة فيه (بتوع كله) ويتقاضون أجرهم اليومي ثم يذهبون كالذين نشهدهم بالساحات يهجمون على كل سيارة عارضين خدماتهم.  وهؤلاء رزقهم كل يوم بيوم؛ فإذا عملوا كان الرزق؛ وإن لم يجدوا عملاً يكون رزقنا ورزقهم على الله.

وهذه الجالية عموماً بأنواعها الثلاثة مريحة جداً ومطلوبة للجانب العُماني لعدة أسباب أهمها الانضباط في عملهم وخاصة بمواعيد الحضور والإنصراف، وهذا ما يهم أصحاب العمل أحيانا للحفاظ على الشكل العام للدوام. وهناك سبب ثان لحبهم لهم وهي الطاعة العمياء فهم ينفذون دون مناقشة إذا صدرت لهم التعليمات بذلك.

لكني كنت أشعر بنوع من العاطفة من الإخوة من أهل صلالة تجاه هذا الجالية بالتحديد بخلاف الجاليات الأسيوية الأخرى؛ فالقضية ليست قضية عمل فحسب  بل هناك نوع من الحنان (الحِنيّة) تجاههم.  فالهنود بالنسبة لهم مساكين (رغم أن غالبيتهم ليسوا كذلك) فمهما علا شأن الهندي مؤهلاً وراتباً فهو بالنسبة لهم "مسكين"، وأذكر أن أحدهم (رحمه الله) سألني ذات مرة عن زميل بالكلية كان يسكن بنفس العمارة معنا " كيف هالمسكين معاكم؟" فقلت له أي مسكين؟ وكنت أظنه يقصد أحد عمال النظافة بالعمارة! فقال فلان. قلت متعجباً : فلان مسكين؟ قال إيه هندي الله يساعده. وفلان المسكين هذا الذي يقصده أستاذ دكتور ويتقاضى راتباً محترماً.  وهذه النقطة تقودنا لأخرى ربما كانت وراء هذا الحب لهم وهي التواضع الزائد جداً فالهنود تختفي شخصيتهم كلياً مهماً كان وضعهم الوظيفي بوجود الإخوة العمانيين، وكنتُ كثيراً ما ألحظ هذا (المسكين) وهو يقطع الشارع مسرعاً ليسلم على شخص آخر مظهراً آيات الطاعة والتسليم.


لكن السؤال (وهو مهم بالنسبة للقادمين الجدد لعُمان) هل الهنود هكذا على الدوام و مع الجميع؟ الجواب لا طبعا؛ فهم إذا صادفتهم مشكلة مع أي وافد آخر يظهر الهندي بشخصيةٍ مختلفةٍ إذا كان غالباً وصاحب حق؛  أما إن كان مغلوباً فيظهر الجانب الوديع ويختبئ خلف الكفيل العُماني(وهنا أتحدث عن خارج الكلية طبعا) فأي مشكلة معهم ترى الكفيل، وقد حضر، فيكون الجدال معه وهو لا يعرف ما الموضوع والهندي يتفرج، وربما يشرب الشاي رغم أنه أساس البلى. وللتوضيح فالكفيل هو صاحب الدكان إسماً عند الصناعة والتجارة، والهندي صاحب الدكان فعلياً، ويدفع للكفيل مبلغاً من المال مقابل الإسم والحماية إن لزم الأمر.  ولا يختلف الأمر كثيراً عن وضعهم بالقطاع العام من هذه الناحية.

>>>>>>  يتبع 

الجمعة، 7 أبريل 2017

الفصل التاسع : قتل الحنش

الفصل التاسع

عادات رمضانية
قتل الحنش


تختلف الشعوب الإسلامية بطريقة استقبالهم لشهر رمضان الكريم. فبالإضافة إلى تكديس المواد الغذائية عند معظم شعوبنا الإسلامية إلا أن بعضها يحرص على إضافة جو من البهجة للناس بقدوم هذا الشهر كالمصريين (مثلا) الذين يستقبلونه بالفوانيس والأغاني الخاصة بهذه المناسبة.

في سلطنة عُمان لفتت انتباهي ظاهرة بين الطلاب الذين أدرسهم بالكلية هنا أنهم يتحدثون عن ما يسمى (قتل الحنش) قبل شهر رمضان، ولم أكن اعرف ما المقصود بقتل الحنش هذا. وفي الحقيقة كنت أعتقد أن المقصود بالحنش هو الأفعى لأننا نطلق عليها في بعض المناطق بالأردن (الحنيش) كما أن المصريين يطلقون اسم الحنش على الأفعى. وعزز هذا المفهوم لديَّ أنهم يترجمونها للزملاء المدرسين الأجانب هنا بهذا المعنى we) are going to kill the snake ) . وقد كنت استغرب لماذا يُقتل الحنش هذا قبل رمضان فقلت في نفسي أن هناك احتمال أن يكون هذا النوع من الحنش لا يظهر إلا بهذه الفترة قبل رمضان. وربما يكون هذا الفهم عند من سبقنا بسبب هذه الترجمة المغلوطة لهذا المفهوم.

ومع مرور الوقت تبين أن المقصود بهذه العبارة هو احتفال غذائي دسم قبل رمضان حيث يجتمع الأصدقاء برحلة أو جلسة معينة ليتناولون هذه الوجبة استعداداً لرمضان. وكنت كثيراً ما أسألهم عن سبب هذه التسمية فلا أحظى بإجابة مقنعة ويكتفون بالقول أنها عادة ورثها الآباء عن الأجداد، ولا يعرفون لها معنى (كِذا). وبقيتُ في هذه الحيرة إلى أن تفضلت إحدى الطالبات النبيهات فوضحت بعد أن سألتها أن المقصود بالحنش هو الحنشان (دود البطن) التي في معدة الإنسان؛ فهم يعمدون إلى إطعامها حتى لا تثور عليهم برمضان.

وفي الحقيقة فإن القضية لا علاقة لها بالأفاعي أو بحنشان البطن، بل هي فقط احتفال طريف بقدوم الشهر الفضيل. ولقد كان استخدام الحنش هذا من أجل إضفاء شيئاً من المرح للاحتفال؛ فهم يدركون طبعاُ أن الحنشان لا تهدأ بالأكل قبل رمضان أو بعده.

المهم في الموضوع أننا المغتربين أصبحنا نشاركهم هذه العادة ونتحدث كما يتحدثون عن قتلنا للحنش إذا ما شوهدنا والعائلة بمطعم أو برحلة خارج المدينة قبل رمضان.

لا أدري إن كانت ظاهرة قتل الحنش منتشرة بمناطق السلطنة الأخرى أو بباقي دول الخليج لكني حدثتكم عن محافظة ظفار حيث أعيش.

ملاحظة.  اكتشفت بالصدفة أنني أول من كتب على هذه الظاهرة على الانترنت، فكما جاء بمقال للكاتبة سلمى اللواتية أنها بحثت عن موضوع قتل الحنش فوجدت مقالي التفصيلي الوحيد عن قتل الحنش.


الثلاثاء، 4 أبريل 2017

تابع التكسي بصلالة

لكن وبالنسبة لأصحاب التكسي في صلالة وإن كانوا يتشابهون بما ذكرت إلا أنهم لهم خصوصية لا تتوفر بسائقي التكسي بأماكن أخرى، فعلى سبيل المثال : 

1)     إن أصحاب هذه التكسيات هم ملاكها فلا يوجد من يستأجر سيارة تكسي ليعمل عليها لذلك قد يتجول في صلالة مع أسرته أو بدونها ولا يقف فلا تستغرب إذا اشرت لأحدهم ليقف ولكنه لم يقف دون إشارة اعتذار مثلاً أنه مشغول أو شيء مشابه.
2)     كل عُمان دائرة واحدة بالنسبة للتكسي؛ فالتكسي في صلالة يمكن له أن يعمل في نزوى والعكس صحيح. لهذا لا تستغرب اللهجات التي تسمعها من السائقين.  هناك الكثير من أبناء الشمال يعملون في صلالة وبعد الدوام يعملون على تكسي، فلا يوجد قانون يمنع عمل الموظف كسائق تكسي.
3)     لا توجد خصوصية للراكب عن بعض السائقين فلصاحب التكسي الحق أن يحمل أربع ركاب من مناطق مختلفة ويرسلهم إلى أماكنهم ويتقاضى منهم الأجرة نفسها كما لو كانوا أخذوا التكسي مستقلين كلٌ حسب مسافته، ولا يستأذنك لهذا الأمر، لا بل يغضب إذا اعترضت ولا يسمح لك بالنزول إلا إذا دفعت الأجرة كاملة.
4)     النقطة الأهم وهي أن تجهز نفسك كراكب إلى سيل لا ينقطع من الأسئلة تبدأ من لحظة صعودك التكسي، وتبدأ الأسئلة عن بلدك (من أين) وربما يسمح لنفسه (كمطلع وفاهم بالسياسة) بتقييم نظام بلدك السياسي طبعا كما يسمع من الجزيرة، ولا يلاحظ أنه بهذا قد يجرح شعورك دون أن يقصد. والسؤال الثاني عن عملك ويليها مباشرة السؤال الأهم وهو راتبك وكم يساوي ذلك بالعملة ببلدك الأم ليوصلك لنتيجة أنك بنعيم في عُمان. ثم السؤال كم تدفع للسكن وهل أنت مؤمن صحياً أم لا وهل أسرتك تقيم معك أم لا، ليتوصل لعملية حسابية برأسه ليعرف كم توفر فلوس من راتبك.  و ترى الابتسامة على وجهه أنك تصرف ما تأخذه من راتب؛ أو ربما يعلق بعبارة "انتو الوافدين ما بتصرفوا شي وبتوفروا كل الراتب" إذا اكتشف أنك توفر شيئاً من راتبك.
تابع للنقطة السابقة أذكر مرة أنني ضقت ذرعاً بهذه الأسئلة من أحد السائقين وأسئلته فسألني كم تأخذ فأجبته 300 ريال وباقي الأسئلة عن السكن وخلافه أخبرته مصروفات تفوق ال 600 ريال ولم يستغرب بل شعر بالسعادة على شكل ابتسامة قائلا الحمد لله صلالة زينة وعمان زينه والخريف ..... تحول الحديث إلى الخريف.
5)     طبعا الأسئلة الأخرى تبقى حركات مكشوفة يجب الانتباه إليها طبعاً إذ ربما تكون مقصودة وموجهة وذات أهداف أخرى كما هو الحال بباقي دولنا العربية بالنسبة لسائقي التكسي، فليس كل ما يُعلم يقال بالتكسي أو لصاحب التكسي؛ سكِّن تسلم ودير بالك.
6)     لكن ومن الأنصاف الذكر طبعا أنهم أصحاب خير طبعاً وأشعر بذلك عندما أراهم يعطفون على الهنود و يصفونهم بأنهم مساكين و يساعدونهم  بالأجرة.  
7)     أما بالنسبة للأجرة فهي نصف ريال عماني (ارتفعت لريال بالفترة الأخيرة) للطلب الواحد إلا طلبات المطار فهي مسعرة تسعيرة حكومية. لكن هذا النصف ريال يخضع مرات للطمع من قبل بعض السائقين فيرتفع إلى ريال أو ربما أكثر إذا رآك غريباً فالناس بشر طبعا وليسوا ملائكة ويتغيرون بتغير الظروف المعيشية، لذلك يجب الانتباه والسؤال عن الأجرة قبل الصعود فبعد الصعود يصبح النزول صعباً والأجرة حتمية.
8)     أما إن كنت من المقيمين بالفنادق فالأجرة تختلف. فهناك بعض السائقين المقيمين أمام الفندق و لا (يتكّسون) بالشوارع لذلك يعتقدون أن من حقهم طلب الأجرة التي يريدون لأنهم متفرغون لهذا أمام الفنادق.
للتوضيح أنا عادة لا استعمل التكسي كثيراً إلا عندما تكون السيارة بالسيرفس بالوكالة.  لكن لهذه الأسباب ولغيرها ربما لا بد من وجود ما يُسمى بالنقل العام على الشوارع من وإلى صلالة وإلى كافة ألأماكن بأجرة بسيطة كما هو الحال في مسقط.  وهنا لا بد من الإشارة أن أحد الأسباب الرئيسة لتأخر الطلاب على الكلية هو العذر التقليدي ( ما في مواصلات) ويعني بذلك انه لم يجد من يوصله إلى الكلية من أقاربه أو أصدقائه ولا يرى ضرورة لأخذ التكسي. وهذا سبب آخر لضرورة وجود مشروع للنقل العام الذي يوفر التنقل من منطقة إلى أخرى بمائة بيسة مثلاً.


الأحد، 2 أبريل 2017

التكسي في صلالة

الفصل الثامن

التكسي في صلالة

لا تتمتع محافظة ظفار بخدمة النقل العام كمسقط، إذ لا توجد بها الحافلات التي تنقل الركاب من منطقة إلى أخرى، وربما يكون التفسير كما قال لي أحدهم أنه لا توجد مناطق بعيدة حتى تتوفر فيها هذه الخدمة.  لهذا فالتنقل بين منطقة وأخرى يتم بإحدى الطرق التالية:

1)      السيارة الخاصة لمن استطاع إلى ذلك سبيلا. فالسيارة ضرورية جداً بمحافظة طفار وبدونها لا يمكن لك أن تكتمل سعادتك خاصة إذا كانت لديك الأسرة.  لهذا يلجأ الزملاء الأجانب عند قدومهم لصلالة لاستئجار سيارة من محلات التأجير لتبقى معه طيلة إقامته مقابل مبلغ شهري يقل طبعاً عن الأجرة اليومية بكثير.  ومنهم من يشتري سيارة جديدة من الوكالة و يدفع ما يمكن أن يدفعه لصاحب المكتب و لكنه بالأخير يمتلك السيارة.

2)       الأتو ستوب؛ وهذه كانت شائعة جداً بأوائل التسعينيات وهي أن يؤشر صاحب الحاجة لأي سيارة فيقف له صاحب السيارة ويحمله معه إن كان متوجهاً إلى ذلك المكان. وأحيانا يسأل صاحب السيارة إن كان لديه الوقت كما حدثت معي مراراً صاحب الحاجة عن وجهته ويوصله إليها حتى لو كانت ليست طريقه المنشود من قبيل المساعدة.

هذه الحالة الثانية كانت تخضع لاستغلال بعض القلوب الطيبة من أناس لا يتمتعون بهذه القلوب فيؤشر للسيارة وبعد الجلوس يخبر السائق بوجهته فيضطر صاحب السيارة أن يوصله خجلاً. طبعا هذه الظاهرة بقيت حتى كتابة هذه السطور وإن قَلَّتْ بعض الشيء.

وأذكر أن أحد الزملاء من دولة عربية شقيقة أمضى الفصل الثاني من العام الدراسي يصل إلى الكلية المتوسطة بهذه الطريقة، أما بالعودة فكان يعود مع أحد الزملاء وبنفس الطريقة أي كما يقولون (على كتوف الأجاويد).  وكان يدفعنا الفضول لسؤاله كيف يقنع أصحاب السيارات بتوصيله للكلية رغم بعد المسافة (سبعة كيلومترات) فيقول مفتخراً بأنه يؤشر لصاحب السيارة ويجلس ثم يقول على الكلية الله يخليك، فيخجل صاحب السيارة ويوصله رغم أن وجهته قد تكون باتجاه عكسي. هذه الأيام اختفت هذه الظاهرة وأقصد بها ظاهرة الخجل هذه، إذ لا يتردد صاحب السيارة أن يخبرك أنه لا يتجه الى تلك المنطقة.

3)      سيارات التكسي. وتمتاز خدمة سيارات التكسي بكل مناطق العالم بسمات مشتركة؛ فكما يقال أن نصف المسجونين بالسجون ربما كانت بسبب المرأة فيمكن أن يقال نفس الشيء بالنسبة لحوادث السير، فنصف حوادث السير بالعالم ربما كانت بسبب سيارات التكسي كذلك.  فسائق التكسي يعتقد بأنه ملك الشارع؛ يقف حيث يشاء وبأي وقت دون إشارة بمجرد أن ترفع يدك لتمسح شعرك فيعتقد أنك تريد تكسي فيقف لك لتركب. كذلك ينعطف يمنة ويسرة دون إشارة لذلك للسبب ذاته. فهم جميعاً يبحثون عن لقمة عيشهم ولهذا لا يهمهم غيرهم من المشاة أو أصحاب السيارات الآخرين.  كذلك على الراكب أن يتحمل (خفة دم) بعض السائقين فيفرضون عليه ما يشاءون من الأحاديث لأن السائق وحيد من الصباح ولم يجد من يكلمه فيجدها فرصة لتفريغ هذا الكبت بالركاب.