الأسس الذهبية في المناصب الرئاسية
ربما كان من الطريف التعريج على ما
يسمى بمنصب رئيس القسم بالكلية؛ فهذا المنصب مهم جداً لأنه تشريفي، ويتنافس عليه
بعضهم. لهذا كان سعادة العميد في الكلية
المتوسطة يلاعب رؤساء الأقسام بين الفينة والأخرى بموضوع الرئاسة. والدكتور العشاوي كان في مرحلة ما من المستفيدين
من هذه التجربة. فقد أصبح رئيس القسمة
بدلاً من الزميل السوداني الأستاذ الهادي المواج.
ذات يوم جاءنا الدكتور بخبرٍ وهو أن المدير طلب ترشيح أحد المدرسين رئيساً للقسم (و المدير
ما عندوش مانع أن يكون الرئيس هو نفسه الدكتور العشماوي). التقطنا الإشارة طبعاً وفهمنا المقصود وقلنا
نرشحك أنت نفسك؛ انفرجت أسارير الدكتور وقال"معلش نعمل اجتماع ونكتب الكلام
ده بمحضر الاجتماع ونسخة للمدير
للاعتماد). اجتمعنا وكتب الدكتور المحضر ولكن الاستاذ جميل مناصرة اقترح إضافة
أو إعادة صياغة للجملة بأن تكون " نرشح الدكتور محمد العشماوي لرئاسة القسم
مع التأكيد على قدرة أي محاضر على إدارة القسم". طبعا هذه الإضافة لم تعجب الدكتور محمد رغم أنه
مررها للعميد.
بعد أسبوع من إعادة تنصيبه رئيساً للقسم كتب كتاباً بناء على طلب المدير
(كما يقول) وأعلمنا به من باب العلم بالشيء فقط يحدد فيه الأسس التي سيتم تعين رئيس القسم
مستقبلا. هذه الأسس هي:
1) المؤهل, وهذا يعني
أنه الوحيد (ونحن خارج اللعبة) لأنه الوحيد الذي يحمل الدكتوراة.
2) فان تساوت المؤهلات فالأقدمية في الكلية وهو الأقدم.
3) فإن تساوت الأقدمية بالكلية فالأقدمية برئاسة القسم
وهكذا أصبحت كل الطرق تؤدي بالدكتور محمد العشماوي رئيساً للقسم إلى ما شاء الله؛
وفي الحقيقة بقيت هذه النقطة غامضة بالنسبة لي، فلم أكن أتوقع مثلاً أن يأتوا له
برئيس قسم من الكلية ومن خارج القسم ويفوقه بالاقدمية بالكلية ليكون رئيسا لقسم
الانجليزي!! هل سياتون به من قسم التربية
مثلاً ليدير قسم اللغة الإنجليزية!!. تبين
لي لاحقاً أن من يضع الأسس ويريدها أن تبقى في عَقِبه إلى يوم الدين يأخذ كل
الاحتمالات بعين الاعتبار، ولهم بُعْدُ نظر لا نتمتع به نحن عامة الشعب. وإذا جاز لي أن أقفز سنوات لاحقة لأشير أن هذا
الأمر حدث بالكلية التقينة بصلالة مع دكتور أمريكي مسلم واسمه الإسلامي (ابراهيم)
ومتزوج من مشرفة لغة انجليزية عُمانية في التربية حيث نُقل من محاضر بقسم
الإنجليزي رئيساً لقسم الدراسات التجارية.
وكان هذا مثار استغراب؛ فإذا كان تخصصه (بزنس) أصلاً فلماذا جاء للانجليزي
مُحاضراً؛ وإذا كان تخصصه انجليزي فلماذا ذهب للبزنس كرئيس للقسم. عالعموم الدكتور إبراهيم أراحنا من هذه الحيرة واستقال
بعد تعينه بالبزنس بفترة بسيطة جداً. ويبقى للمسؤولين نفحاتهم وحكمتهم الخاصة بهم.
لهذا كان الدكتور العشماوي مصيباً في استباق مثل هذا الأمر بسنوات.
وللتوضيح لم أرد من ذكري لهذه الأسس السخرية أو التعريض باستاذنا العزيز
فهو أخي الكبير؛ ولكني أحببتها لأن لها إسقاطات سياسية معينة. نعم لقد وعدت بأن لا أقترب من السياسة ولكن
السياسة أصبحت كالهواء نتنفسها كرهاً شئنا أم أبينا. لهذا أتذكر هذه الأسس كلما
جاء ذكر بالربيع العربي على موضوع الأسس وما شابهها في القادم الجديد حول اختيار
الرئيس الجديد للدولة. فأول عمل يقوم به الرئيس الجديد هو أن يضمن الرئاسة لولد
ولده ما أمكن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق