الخميس، 22 سبتمبر 2016

تكملة

جنوب صلالة

أما إذا يممنا و جهنا شطر الجنوب فإننا نكون قاصدين البحر الذي يحد صلالة جنوباً. فنذهب الى كورنيش صلالة و الدهاريز.  و أذكر أن هذا الكورنيش كان من أوائل الأمكنة التي أخذنا اليها الأستاذ جميل.   ويقع كورنيش صلالة بمنطقة تسمى الحافة و يقع فيها قصر صاحب الجلالة السلطان قابوس و يعرف بقصر الحصن.   وقد كان هذا الكورنيش يبعد عن مكان سكننا الأول حوالي كيلومتر واحد فقط ولكننا رأيناه كيلومترات كثيرة لأننا لم نكن نملك السيارة.   ولهذا قلت لصديقي الدكتور احمد ذات يوم عندما انشغل عنا الأستاذ جميل المناصرة : ما رأيك بأن نذهب للبحر فقال (يا زلمة شو بده يوصلنا للبحر)، و اخيراً وافق ومشينا له سيراً على الأقدام و إذا به " مقرط العصا" كما يقول البدوي. 

في عام 1990 كان هذا شاطئاً مظلماً و تشكل الظلمة بالإضافة إلى صوت الأمواج المتلاطمة مصدر رعب لمن كان يجلس هناك إلا إذا كان بصحبة آخرين.   أما إذا كان الليل مقمراً والبدر مكتملاً فلا أظن أن هناك ما هو أروع من هذا المنظر.  كذلك لم يكن هذا الشاطئ معموراً إلا من بعض البيوت التي تقفل عليها بابها هرباً من الرطوبة العالية في فصل الخريف.  وبقي على هذا الحال فترة من الزمن طويلة إلا أن بدأ التطور في صلالة سياحيا كما أخبرتكم سابقا فتطور كل شيء، فأصبح الشاطئ معموراً بالمقاهي والمطاعم ( مطاعم دون نجوم طبعا) وأصبح الجلوس منفرداً على هذا الكورنيش مستحيلاً لعدم وجود المكان. كذلك تمت إضاءة الكورنيش فأصبحت الجلسة فيه تختلف عن تلك التي حدثتكم عنها، فتجلس مع من تريد بأحد المقاهي تحتسي الشاي المغربي و تشيش (تأرجل) إذا كنت من هواة الشيشة وتستمتع بهذا الجو الخلاب.  وقد أسلفت الحديث عن أزالة الأنبية والمطاعم بهدف تطوير الكورنيش.  

وتحتوي منطقة الحافة بالإضافة إلى الكورنيش سوقاً تجارياً شعبياً تباع فيه التحف اليدوية بالإضافة إلى البخور و المباخر و العطور التقليدية  الظفارية.  كذلك تكثر محلات بيع الملابس الجاهزة  و أدوات التجميل ومحلات الخياطة  النسائية للأثواب العمانية التقليدية  (بو ذيل) التي تلبسها النساء وخاصة تلك التي يرصعونها بالفصوص وبعض الحلي للزينة في شارع يعرف بشارع الشروق هناك.  وقد كانت الحافة أيضاً  مكانا لشراء واستئجار أشرطة الفيديو و الكاسيتات التي تنسخ هناك وتباع بأثمان رخيصة.  هذه المحلات اختفت كلها بعد تطبيق نظام الملكية الفكرية وحقوق أصحابها، إذ كانت تعيش على نسخ هذه الأشرطة و تأجيرها.

كذلك تحتوي الحافة على العديد من المحلات التي تبيع الحلوى العمانية المشهورة بأنواعها المختلة وأخص بالذكر منها محل "بركاء" لصاحبة  عبد الله العواسي:  ويختلف هذا المحل عن غيره بأن صاحبه العماني يشرف عليه بنفسه لذلك تجد الحلوى العمانية في هذا المحل ذات طعم متميز، وهي التي كنت دائماً أحملها كهدايا للأهل والأصحاب عندما كنا نحضر للأردن بالصيف.

أما الجزء الآخر من الكورنيش و هو الموجود بالدهاريز فقد كان متواضعاً أيضاً إلا أنه كان يحوي فندق الهوليدي إن هناك. وعندما تم التطوير تم ترقية الفندق أو بيعه (لا أدري ما الذي جرى) إلا أنه أصبح يُعرف بالكروان بلازا وهو الذي نقيم به احتفالات النادي الاجتماعي الأردني بأعياد الوطن.  كذلك أقيم منتزه الدهاريز السياحي إضافة لباقي المقاهي.   لكن لا يعتبر هذا ككورنيش الحافة، بل أقل منه جودة.

الجنوب و الجنوب الغربي

أما إذا قررنا الخروج من صلالة باتجاه الغرب أو الجنوب الغربي فإنا بالحقيقة نكون متوجهين إلى مرباط البلدة التاريخية المشهورة بمينائها القديم و بعض الحصون هناك. ولكن وقبل الوصول الى مرباط نتوقف عند بعض الأماكن السياحية التي زرتها. 

عند وصول السيارة إلى ما يعرف بدوار المعمورة نسبة إلى وقوعه إلى جانب قصر المعمورة لصاحب الجلالة  ننحرف يساراً و نتابع السير إلى أن نصل إلى عين  رزات وهي عين ماء من جبال المنطقة وتسيل منها الماء بقناة تسقي الزرع و الحيوانات المنتشرة بكثرة في تلك المنطقة.
 
و قد تم إنشاء حديقة كانت رائعة بفترة التسعينيات تذهب إليها العائلات كل نهاية إسبوع يتناولون الطعام وتلعب الأطفال وتستريح من عناء الأسبوع.

و من الملاحظ أن هناك درج يقودنا الى كهف قديم بالجبل كنا نذهب اليه ونلتقط بعض  الصور و يعرف بكهف صفرار.

عين حمران

 أما إذا كنا اخترنا الرجوع إلى دوار المعمورة للذهاب إلى مرباط  فتلفت نظرنا لافتة مكتوب عليها عين حمران وهي على الطريق إلى مرباط  وتقع على بعد كليو مترات قليلة من الدوار وعلى يمين هذا الطريق.  وهي كباقي العيون  نبع ماء و قناة و مزارع.

عين أثوم

بصراحة لا أجد من الكلمات ما يصف هذه الروعة. وأعتقد أن الصورة قد تغني عن الكلمات.  أيعقل أن يكون هذا المنظر بالخليج!!

عين أثوم والصورة تغني عن الوصف




طاقة

هي اكبر من القرية  وهي أول مكان معمور  نلتقيه قبل مرباط على هذا الطريق. بلدة أثرية و لها ساحل جميل لطيف زرته أكثر من مرة  مع العائلة.

طوي عتير و شلالات دربات

عند الخروج من طاقة وباتجاه مرباط تشير لافتة الى منطقة جبلية مكتوب عليها طوي عتير وفيها ما يعرف بشلالات دربات.  هذه المنطقة تكون في أبهى حللها بالخريف حيث يغطيها الضباب تماماً كباقي المناطق الجبلية.  وتبلغ روعتها هناك بهذه الشلالات الرائعة عندما تنفجر فيها العيون وتسيل منها الماء على شكل شلالات من أعلى الجبل إلى الأسفل فتشكل منظراً  يندر أن تراه في منطقة الخليج.  وللأسف لم أتمكن من زيارة هذه المنطقة الا بعد عام ال 2000 لأن الطريق إلى تلك المناطق لم يكن معبداً، لأن السير عليه قبل ذلك كان خطرا لمن كانت مهارته بالسواقة (سكر خفيف) كما نقول.

جبل سمحان

و من يتابع السير إلى طوي عتير وبعد المدرسة سينعطف شمالاً ليأخذه الطريق إلى جبل سمحان و حفرة طيق.  أما جبل سمحان فيمكن الوصول إليه صعوداً خفيفاً لا تشعر فيه لطول المسافة إذا كنت تذهب هناك للمرة الأولى. لكن الطريق يستمر إلى تصل لآخر الجزء المعبد حيث تجد نفسك فوق السحاب. تقف هناك مأخوذاً بسحر المنظر عندما ترى كل هذه الغيوم تحتك و تنظر إليها من علٍ.

 

وهناك استمرار  للطريق صعوداً لمن يهوى المغامرة إلى أن تصل المحمية الطبيعية وهناك يجب الحذر من الحيوانات المفترسة؛ فهناك النمر العربي والضباع و الثعالب لهذا يجب الحذر إذا أردت الإقامة لفترة هناك.

حفرة طيق

لقد وصلت إلى حفرة طيق (Teeq Sinkhole) بسلوك نفس الطريق ولكن بالانعطاف شمالاً كذلك.  وجدها حفرة مهولة كبيرة عريضة عميقة يقال أنها إثر لنيزك كبير. وصلنا ووقفت على حافتها وتراجعت بعد فترة وجيزة لأن الإنزلاق فيها لا يتم استدراكة وستكون النهاية بقعر الحفرة. يقول أهل المنطقة بأن تحتها عين ماء حلوة وسمك نادر ولكني لم أتمكن من توثيق ذلك أو التأكد منه لصعوبة الوصول الى إلقاع.  سألت عن كيفية الوصول فقالوا  يلزمك أن تدور دورة كبير سيراً على الأقدام لأن المنطقة لا تسمح للسيارات بالمرور  لصعوبتها. 

هذه المنظقة مفتوحة من جانب معين وفكرت لو أن عُمان أغلقت هذه المنطقة لأصبحت بحيرة كبيرة.  لا أظن الفكرة قد غابت عن بال الجماعة طبعاً وربما كان في الأمر ما فيه  هندسيا طبعاً مما يمنع التفكير بانشاء البحيرة.

سمهرهم  و خور روري

بعد النزول من شلالات دربات نستمر بالسير إلى مرباط ونتوقف عن ما يعرف بسمهرم  وهي منطقة أثرية فيها شاطئ هادئ إضافة إلى بناء قديم يقال أنه قصر ملكة سباء قديماً و قد قرأت عنه منشوراً حول هذا الموضوع.  وقبل الوصول اليه أو كجزء من المنطقة ذاتها  يجد ما يعرف عند اهل المنطقة بخور روري وهو منطقة تدور حولها الكثير من القصص أنها ملتقى السَحَرة بالعالم كما يشاع، طبعاً هؤلاء السحرة الخياليون الذين يتنقلون بين مناطق العالم دون جواز سفر أو فيزا. وهم يتداولون قصصاً كثيرة حول هذا الموضوع ولكنها أشبه ما تكون بقصص الغولة (أيام زمان) عندنا بالتراث الأردني كلها منقولة عن أشخاص نقلوها عن أشخاص لم يسمعوا و لم يروا ذلك، ووقع كلها تحت باب " سمعت أنه ذات مرة  أو قالوا أو حدثنا أحدهم أنه سمع ....... وتكتمل القصة ولا تجد فيها ما يدخل العقل؛  لكنها تجد صدى عند بعض الناس الذي تستهويهم القصص الخيالية.

وبمناسبة السِحِر و السَحَرة فقد كان أول ما سمعت بهذا الموضوع من أبناء المناطق الشمالية بالسلطنة والذين كانوا يدرسون عندنا بالكلية، وكان حديثهم عن منطقة نزوى و هي العاصمة التاريخية للسلطة و كذلك عن منطقة بهلاء، و كانوا يروون القصص الكثيرة عن هؤلاء السحرة وأفعالهم.  وكثيراً ما كنت أمازح الطلاب بالمحاضرة في بعض المرات أن الجماعة ( وأقصد جماعة العالم الآخر) ربما يكونوا معنا بالقاعة ونحن لا نراهم  فيضحكون لأني كنت أقول ربما كانوا يتعلمون الإنجليزية كذلك، لكن كان يعقب هذا المزح بعض السكون بالصف.

هذه القصص اختفت وخاصة بين الشباب ولم تعد تسمعها إلا من الكبار بالسن كونها جزءاً من تاريخهم الذي يحبون ذكره  والتغني به دائما.  لكن لا يمنع أن يتندر بها الشباب كنوع من الطرائف، ولم يعد الأمر مخيفاً كما كان من قبل.



جربيب  مرباط

وإذا استمرينا بالسير إلى الأمام باتجاه مرباط نشهد منطقة مفتوحة تشبه جربيب أتين الذي حدثتكم عنه ببداية هذا الفصل، وهذا يعني أن كلمة جربيب ليست مكانا معيناً ولكنها صفة للمكان الفسيح الذي تحيط به الجبال ويكون متنقساً طيباً للعائلات لهوائه العليل وتكثر فيه القباب (التلال الصغيرة) دائماً.  وربما كانت تقابله كلمة السهل عندنا بالأردن.




فندق الماريوت

تشير لافتة مكتوب عليها عبارة فندق الماريوت إلى الفندق الذي يقع بحض الجبل القريب من مرباط، وهو فندق فخم من فئة الخمسة نجوم ، وبقصده السياح والمقيمون والمواطنون للتنزه والراحة، وهو فندق عالي الجودة خدمة وفاتورة كذلك، فمن يذهب هناك يجب أن لا يسأل عن الفاتورة و ارتفاع سعرها.

مرباط

ندخل مرباط فنجدها بلدة قديمة أثرية في الكثير من أبنيتها رغم وجود الكثير من الخدمات لسكان الولاية فهي مركز الولاية؛ ففيها البيوت القديمة وبقايا القلاع والحصون ، إضافة الى الميناء الشهير تاريخياً منذ القدم فهي من الموانئ التي وردت بالتاريخ كأحد موانئ عُمان التجارية مع العالم؛ هذه الأيام يعتبر ميناء صيد إضاقة للتنقل الى بعض الجزر العمانية مثل الحلانيات.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق