الأحد، 11 سبتمبر 2016

الفصل الثاني - تتمة

عين جرزيز

قبل الصعود الى الجبل تقرأ لافتة مكتوب عليها عين جرزيز، وهي عين ماء تقع في أسفل الجبل تسيل منها الماء في قناة طويلة تسقي سهل جرزيز.  هذه الأيام جفت القناة ولم نعد نرى منها الا أثرا بعد عين.

مقام النبي أيوب. 

و بعد أن نكون قد تزودنا بالديو أو أي مشروب تركب السيارة ونستعد لصعود الجبل الذي يحوي على صعوبة بالصعود، وإذا كان الصعود ليلاً يضاف اليها الظلمة كعقبة أخرى بالإضافة إلى ضيق الطريق باتجاه ما يسمى مقام النبي أيوب عليه السلام.  وقد تم لاحقا إضاءة هذا الطريق و توسعته ولهذا لم يبق الا عقبة الصعود. يأخذنا الطريق مستقيماً مرة و متعرجا مرة أخرى صعوداً ثم صعوداً يتبعه صعود إلى أن نصل قمة الجبل عند منطقة يُقال لها غدو لننحرف يساراً بطريق متعرج نزولا  إلى ساحة على قمة الجبل يقع فيها ضريح البني أيوب عليه السلام.
 
تطل هذه الساحة على صلالة وميناء ريسوت الذي سيأتي الحديث عنه لاحقاً فتشكل الإنارة المنبعثة من المدينه سحراً رائعاً إضافة للنسيم العليل الذي يهب على تلك المنطقة لكونها أعلى منطقة في صلالة حسب معلوماتي. ويستخدم المتنزهون هذه الساحة لطهي الطعام وفيها مكان للعب الأطفال.

وفي الحقيقة سألت زميلي الأستاذ جميل مناصرة عن حقيقة وجود ضريح النبي عليه فقال الناس يتحدثون عن وجوده هنا.  المهم ، يقع هذا الضريح بمنطقة عالية من الجبل وبجانب الضريح قطعة صخرية  محفور عليها حفرتان يقول الناس عنها أنها أقدام سيدنا أيوب عليه السلام، ولا  أدري عن سبب وقوفه على الصخرة تلك فالأمر ليس كمقام إبراهيم عليه السلام الذي كان يقف عليه لبناء الكعبة.  ويتحدث الناس أيضا عن وجود عين ماء في أسفل الجبل التي يقال أن سيدنا أيوب عليه السلام اغتسل بها كما أمره الله.  ويقع حوله مجموعة من القبور التي اندثرت و بقي معالمها و لا يعلم احد لمن هذه القبور. وقد زرت المنطقة لاحقا بعد دخولي عالم اليويتيوب وسجلت كِليباً بصوتي عن النبي أيوب وما حوله ونشرته على اليوتيوب.  كانت بعض التعليقات لا تصدق روايتي كما قالوا عن تسجيلي لدحقة الناقة.

و بمناسبة الحديث عن النبي أيوب لفت نظري أن هناك بلدة بالأردن تسمى الأيوبية ضمن محافظة جرش وفيها لافتة تشير إلى ضريح النبي أيوب، ولم أتمكن من زيارتها.  وكذلك شاهدت على قناة إقراء ذات مرة تقريراً عن مقام النبي أيوب عليه السلام في سوريا.  وهذا يعني أنني لغاية كتابة هذه السطور قد علمت بثلاثة أماكن مختلفة تحتوي ضريح هذا النبي الصابر أيوب عليه السلام من الله.

ضريح النبي عمران

و بما أن الحديث عن مقامات الأنبياء فهناك ضريح غريب الشكل يقع بمنطقة نمرة خمسة  بصلالة بجانب بلدية ظفار يطلق عليه ضريح النبي عمران، وكان هذا من أوائل المناطق التي أخذنا اليها الأستاذ جميل المناصره.  وأول ما يلفت النظر في هذا المكان أنه يشبه مزاراً باكستانياً فمعظم الذين يزورونه من الباكستانين أو الهنود المسلمين هناك ويمارسون طقوسهم كالطواف حول الضريح والتبخير ودفع النقود هناك التي توضع في صحن يجمعها الشيخ (و هو أيضا باكستاني) وينفقها كما يقولون على الأسر الفقيرة من الباكستانيين و الهنود هناك.

عندما تدخل هذا الضريح يدهشك أكثر من أمر فهو كله من البلاط الثمين، وبهذا يختلف عن ضريح النبي أيوب عليه السلام الذي يقوم عليه بناء متواضع جداً.  ويغطي ضريح النبي عمران هذا السجاد الثمين نسبياً و بهذا تشعر انك تقف في مكان مقدس بالنسبة للإخوة الباكستانيين والهنود، وبالمناسبة قليلاً ما كنت أرى الإخوة العمانيين هناك لاعترافهم بأن هذا حق الباكستانية، باستثناء بعض الإدلاء السياح الذي يحضرون بمجموعات إلى صلالة فيحضرهم الدليل إلى هذا الضريح كمعلم سياحي، وإن كنتُ لا أحبذ هذا طبعا فالفكره التي يعود بها السائح عن هذه الطقوس التي يراها من الإخوة الباكستانية أكثر ضررا من دريهمات معدودة قد تعود على البعض من هذا التسويق لهذا الضريح.

و بعد أن يخرج المسلم من صدمة الطواف حول الضريح و التبخير  يقع تحت صدمة أخرى وهي طول الضريح.  فبينما أنا أمعن النظر بذلك الباكستاني الذي يضع يديه على صدره ويدعو بما شاء بطريقة تنم عن الخشوع الزائد، التفتُ إلى صديقي الدكتور أحمد العودات (دكتوراه بالتاريخ الإسلامي) فوجدت مشغولاً بشيء آخر و هو قياس طول الضريح (بالفحجة) وبعده توصلنا إلى طريقة أكثر دقة و هي أن نعد البلاطات في أرضية البناء و بلغ عددها 72 بلاطة، وكان طول البلاطة 40 سم فإذا بطول صاحب الضريح الذي يطلقون عليه النبي عمران حوالي 29 متراً، وبعدها بفترة تجرأت وسألت الشخص المقيم هناك عن هذا الطول الفارع فقال لي ( نبي واجد طويل) أي انه طويل كثير.  وكثيراً ما كان الدكتور أحمد يستنكر ذلك ويقول لم نسمع بمثل هذا الطول لأي من الأنبياء المعروفين.

 وقد كان الاعتقاد في ذلك الوقت أن هذا هو ضريح عمران أبي السيدة مريم والدة السيد عليهما السلام  وكنا نستغرب من سبب مجيئه من فلسطين والأردن  الى عُمان ليدفن هنا في صلالة،  لكن عرفنا لا حقا أنه وربما نتيجة التقارب العماني مع القارة الهندية أيام الإمبراطورية العمانية تواجد الكثير من المسلمين الهنود قبل معرفة باكستان وكان هؤلاء يطلقون عن الصالح المؤمن لقب نبي، ولهذا أطلق لقب النبي عمران عن أحد الصالحين وأقيم عليه هذا الضريح؛ أما قضية الطول فقد جاءنا توضيح أنه ربما كان هذا يحوي قبر الصالح و أولاده، لهذا جاء طويلا بهذا الشكل.   وهذا ما خلصنا إليه بخصوص هذا الضريح، و هي معلومات استقيتها من الأشخاص الذي يتعاملون مع ذاك الضريح؛ فهي أيضا مجرد أقاويل لتبرير الإسم وطول للضريح.  وغير ذلك لم أجد مصدراً يعطي معلومة واضحة حول هذا الضريح.

أضرحة أخرى : دحقة ناقة صالح

تنتشر في محافظة ظفار و في صلالة الكثير من الأضرحة لأشخاص وأنبياء  منهم من هم أبناء هود عليه السلام ومنهم من هو من أبناء نوح عليه السلام  في الطريق إلى مرباط، و منهم ربما لأشخاص لا يعرفهم أهل المنطقة كالمقام الذي يقع بمنطقة الدهاريز قرب الشاطئ، و قد سألت أحد الأصدقاء عنه فقال و الله ما ادري.  ويبدو أن القضية تعود الى احترام هذا المناطق و أهلها قديما بأهل العلم والصلاح فأقاموا عليها الأضرحة تبركاً بها، ولا أحد يعلم تاريخ هذه المقامات باستثناء ما يُكتب على المقام نفسه.

 لكن ما يدهش هو وجود مكان يعرفه أهل صلالة جميعا في منطقة القرض بصلالة للصخرة التي خرجت منها ناقة صالح عليه السلام، ويطلقون عليها الدحقة.  وعندما زرت هذه المنطقة وجدتها صخرة كبيرة كأنها كانت جزءاً من جبل أو شيء مرتفع لم يبقى منه الا تلك الصخرة و يقولون أن هذه هي الصخرة التي خرجت منها ناقة سيدنا صالح، و فيها بعض النتوءات و كذلك يغطي بعض أجزاءها  اللون الأحمر في إشارة الى أنهم عقروها لتلك الناقة.  و هو مكان سياحي يقوم على العناية به موظف هناك، وتظهر لوحة على باب المكان مكتوب عليها أنها كذلك.


و بالمناسبة فقد سجلت فيديو كليب عن هذه المناطق و علقت عليه بصوتي  و رفعته على اليوتيوب، وقد نال نقداً كثيراً من المشاهدين لأن منهم من قال أن المكان في السعودية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق