الثلاثاء، 27 سبتمبر 2016

غرب صلالة

الاتجاه غرباً

أما إذا اخترنا الرجوع لصلالة والتوجه غرباً فإننا نكون باتجاه المغسيل وريسوت، وهنا علينا أن نخرج من صلالة عن طريق دوار عوقد وأول ما نراه على يسارنا البحر، حيث أنه قريب جداً لهذا الطريق ثم نتابع السير لنتوقف على اليسار أيضاً عند ما كان يدعى  مطعم المحيط و حاليا هو فندق الهلتون.
 
و لهذه المنطقة من الذكريات الكثير، فقد كانت أول رحلاتي منفرداً بالسيارة الحمراء إلى تلك المنطقة بصحبة العائلة الصغيرة بتلك الفترة، حيث كان الوقت عصراً.  حاولت التقدم بالسيارة جهة الشاطئ فغاصت عجلاتها بالرمل وقد كان هذا يكفي لتعكير المزاج العام للرحلة طبعاً وكنا كما يقول المثل (أول غزواته كسر عصاته) وانشغل فكرنا بكيفية الخروج من تلك المنطقة التي لا يحضر لها الناس كثيراً في ذلك الوقت، فقد كانت الناس تحضر بنهاية الأسبوع فقط وبشكل قليل في تلك المنطقة.  حاولت عدة مرات الخروج فأصبحت اغوص أكثر بالرمل وأوشكت عجلات السيارات على الاختفاء.  هنا نزلت فرأيت في أعين الزوجة والأولاد (رغم صغرهم) سؤالاً ( إذا كنت بعدك بتتعلم سواقة لماذا أحضرتنا إلى هنا) فانفقسنا (تعبير أردني)، طبعاً لم نكن نعرف سيارات الدفع الرباعي بعد.   ولكن و كما يقول الشاعر :

ضاقت فلما اشتدت حلقاتها             فرجت و كنت أظنها لا تفرج

فجأة رآنا شاب عماني كان يقف بالمقابل ويبدو أنه كان جاهزاً لحضور عرس لأن دشداشتة كانت في غاية الأناقة وتفوح منه رائحة العطر.  تحرك هذا الشاب بسيارته وتقدم منا وقال ضاحكا " أيش اللي صاير" وبدلاً من أن يلومنا على الدخول لهذه المنطقة كما يحصل بالعادة أو يقدم النصيحة كما كان متوقعاً، وجدته و قد جثا على ركبتيه بعد رفع الدشداشة قليلاً وأصبح يجرف الرمل بيديه وأنا أتفرج ببداية الأمر لجهلي بجدوى ما يفعل لأنني لم أكن أتوقع  أن تسفر هذه الجهود عن شيئ، وبعد أن بانت إطارات السيارة قال لي إركب وارجع للخلف ببطىء و أنا (أدفك) أي ادفعك.  طلبتُ من زوجتي تسوق ودفعنا المركبة للخلف إلى أن خرجنا.  هذا الشاب لم أره من قبل ولا بعد هذه الحادثة ولا أعرف لأي القبائل ينتمي لغاية هذه اللحظة.  وبهذه المناسبة لا بد من الإشارة إلى أن الشباب الظفاري هو غاية في المساعدة إن وجد إنسانا تقطعت به السبل.  وقد حدث في عام 1997 أن نفذ مني البترول بعد منتصف الليل ولا توجد محطة قريبة، فجعلتُ المدام خلف المقود أيضاً ودفعتها أنا وابني محمد الذي كان في الصف السادس بتلك الفترة، وبينما نحن بهذا الأمر إلا وتوقفت جانبي سيارة بها أربع شباب دفعوا إليَّ بقارورة ماء مملؤة بنزين وقالوا هذه تكفيك للمحطة القادمة واختفوا دون أن ياخذوا ثمنها أو ينتظروا كلمة شكر. فبارك الله بهم جميعاً.

ميناء ريسوت

وإذا استمرينا  غرباً فإننا نتوقف عند ميناء ريسوت الذي كانت تؤمه العائلات أيام العطل  للتنزه على الشاطيء هناك.  وكان هذا الأمر متيسراً لأن الميناء كان عبارة عن ميناء صيد صغير قبل أن يتحول بداية القرن الحادي والعشرين إلى ميناء شحن كبير.  فقد كانت مياهه صافية ويسهل على الأولاد اللعب بالماء هناك، لكن البحر لا تؤمن جوانبه إذا لم يكن أحد الأهل يتقن السباحة.   ولهذا قصة طريفة حدثت معنا.

ذات يوم توجهنا إلى ميناء ريسوت وجلسنا على الشاطئ قريباً من القوارب وتصادف وجود أحد الصيادين الذي كان مشغولا بفكفة خيوط شبكته.  وبينما كان محمد يسير بالماء على قدميه ويتصنع السباحة لأنه لم يكن يتقنها بعد، رأيناه يصعد ويهبط وهو يقول الحقوني وينادي وتقدمت جهته فجأة وأنا البس دشداشتي فوجدتي مثقلاً بعد أن تبللت بالماء ولم أستطع التقدم بعد وأصبحتُ شبه مشلول الحركة عديم الحيلة إذ كنتُ أرى ابني يغرق أمامي.  فجأة تذكرتُ الشخص الذي يصلح شبكته و ناديته (الحق الولد خيو، بلهجتنا الأردنية) فما كان منه الا ان قفز بالماء و بلمح البصر كان يمسسك بمحمد و يخرجه بأمان إلى الشاطىء، فالشاطىء وإن بدا آمنا ساكنا إلا أن الرمال متحركة تحت القدمين وإذا تحركت الرمال مُشَكِّلةً حفرة تحت قدميك لا تدري عمقها وأنت بالماء يختل توزانك وربما تغرق بشبر ماي كما يقولون إذا لم تكن تعرف السباحة.

 كان هذا درساً لي لأسعى في تعليم أبنائي السباحة لاحقا حيث تعلموا جميعا على يد شخص ساقته الصدفة البحتة لنا.  ذات يوم، أخبرني صديق مغربي أن هناك عرض للاشتراك في بركة فندق حمدان للسباحة فرحبتُ بالفكرة رغبة مني في تعليمهم السباحة.  تفاجأت أن البركة لا منقذ ولا مدرب فيها وقالوا بأن السباحة على مسئولية الشخص نفسه، فقلت في نفسي لعلمهم يتعلمون ذاتياً ومن هذا المغربي الذي قال أنه يعرف السباحة.  بعد فترة من الزمن عرفت أن هذا المغربي لم يكن جاداً بالمسبح ولكنه استمر بإرسال بناته إلى المسبح وكانوا من سن بناتي.  بنفس الفترة حضر شخص تبين لاحقا أنه سبَّاح محترف ومهني ومعه أولاده الصغار.   كان هذا الرجل بطبعه اجتماعياً يحب التعرف بالناس ويتحدث مختلف اللهجات، فالتف الأولاد والبنات بالبركة حوله، ولأني صاحب حاجة سعيت للتعرف عليه وطلبت منه أن يعلم محمد (ثالث اعدادي، وسمو صف سادس وجمانا صف ثاني) وبعد أقل من ساعة أو ساعتين وجدت أولادي يشقون البركة من طرفها إلى طرفها سباحة مهنية دون (مخابطة بالماء) ولا يمكن وصف شعوري بهذه اللحظة، إذ شعرت أنني انجزت شيئاً كبيراً ومُهِمَاً لهم.   هذا الشخص اسمه أحمد العامري وهو طيب من بيت طيب يحمل درجة الماجستير في الإدارة من بريطانيا.  وبالمناسبة فقد غادَرنا إلى بريطانيا بعد تعليم  الأولاد، و كأن الله ساقه لهذه المهمة فقط.

نعود إلى ريسوت لأقول أنها أصبحت الآن ميناء كبيراً ترتادها السفن من ذوات الأحجام الكبيرة وهو في تطور مستمر,  و إذا قررنا تجاوز ريسوت لنستمر غرباً فإننا نسير مسافة 20 كم بعدها لنصل إلى المغسيل، هذا الساحل الرملي النظيف الرائع، نصله لنرتاح تحت المظلات التي أعدتها البلدية لهذه الغاية.  ترتاده العائلات كمتنفس للأطفال والكبار ويأخذون غدائهم معهم لعدم وجود المطاعم قديماَ، وقلتها حالياَ ويعودون بالمساء منهكين مسرورين بهذه الرحلة.  وتمتاز هذه المنطقة بصفاء بحرها إذ يخلو من الأمواج العنيفة باستثناء فصل الخريف الذي يكون فيها البحر هائجاً.  وعلى العموم لا ينصح بالسباحة هناك حتى بغير الخريف كما حدثتكم عن ريسوت و السبب أنها كلها رمال قد تتحرك تحت قدميك.

وعندما تُذكر  المغسيل بالخريف لا بد من التعريج على أهم معالم المغسيل وهي النوافير الطبيعية، وهي عبارة عن فتحات بالصخور المحيطة بالبحر، وهذه الفتحات ناتجة عن عوامل جوية ولا دخل للإنسان بها وتتصل مباشر بالبحر، لهذا تجد البحر يمتد تحت هذه الصخور ويضرب فيها بعنف وكلما اشتد عنف الموج انطلق الماء من تلك الفتحات على شكل نافورة  ترتفع بالسماء حسب قوة الموج تحت هذه الصخور. وربما تكون على شكل هواء قوي.  وسواء كانت نافورة ماء أو هواء فهي تشكل متعة للزائر لتلك المنطقة.

كذلك تمتاز هذه المنطقة وبعض المناطق الساحلية بان بعض صخورها تطل على البحر مباشرة دون شاطئ وتكون مرتفعة فيرتادها هواة صيد السمك من الوافدين، وقد حدثت بعض الحوادث المؤلمة التي راح ضحيتها بعض الأخوة من الجنسيات العربية أو الأجنبية نتيجة سقوطهم عن تلك الصخور.  ومن المؤسف أن هذه المناطق لا يمكن فيها التدخل البشري حتى لو كان الشخص يعرف السباحة لعمقها أولا ولأن الموج قوي ولا يدع فرصة للسباح أن يمارس  قدرته بالسباحة فيضربه بالصخور بقوة تفقده وعيه وحياته لاحقاً.

تم افتتاح مطعم في شاطئ المغسيل وقد أكلنا فيه أكثر من وجبة سمك هناك ولكنه أغلق لبُعده و أهمل الشاطئ ولم يعد كما كان عندما زرته بعد فترة ذات عيد.  فقد عزمت العائلة على نزهة على شاطئ المغسيل ورفضت أن تجهيز أي نوع من الطعام لأننا سنأكل في المطعم. للأسف وصلنا المغسيل فلم نجده كما تركناه، عندها أصبحنا نبحث عن شيء نأكله فما وجدنا إلا كافتيريا صغيرة لا تتمتع بمنظر للمطاعم، فطلبتُ للعائلة بعض الساندويتشات بعد أن طلبت المدام أكبر كميه من الفلفل عليها لأن الفلفل يقتل أي جراثيم ربما تتواجد بالساندويتش.  وعلى مبدأ الطيارين و من باب السلامة العامة لم أتناول أي طعام حتى نضمن عدم حدوث مضاعفات قد تنتج عن تسمم مثلا.  

زرتها قبل سنة تقريبا فوجدت فيها تطوراً كبيراً، ولا أدري كم سيستمر هذا التطور و هل ستقفل الاستراحات هناك أم تستمر.

وأخيراً وكما أخبرتكم سابقا فربما تكون هناك من المناطق ما هو أجمل من تلك التي زرتها ولكني للأسف لم أتمكن من زياراتها لأسباب أهمها عدم توفر وسيلة النقل القوية ذات الدفع الرباعي في بداية حياتنا العملية بصلالة وعندما توفرت السيارة لاحقا بفضل الله لم تعد النفس ترغب بالرحلات و التجول.  كذلك لم تنظم رحلات للكليات التي عملت بها لهذه المناطق باستثناء رحلة يتيمة عام 1993 إلى شاطئ  لطلاب السكن الداخلي بالكلية المتوسطة للمعلمين مع فريق الكشافة وقد أعطينا حافلة لتقلنا إلى هناك لوعورة الطريق و لكن أثيرت نقطة من قبل مساعد المدير للشؤون المالية بأن الكلية تغطي نفقات الأكل للطلاب وليس للمدرسين مما كان له أثر سلبي عند المحاضرين الذاهبين وفكر بعضهم بالعودة لأنه أشعرهم بأنهم يتطفلون على طعام الطلاب؛ لكن وكما يقول أخواننا المدرسين فقد (كبّر المدرسون دماغهم) وتجاهلوا ملاحظة المساعد، و تمت الرحلة على خير.


الخميس، 22 سبتمبر 2016

تكملة

جنوب صلالة

أما إذا يممنا و جهنا شطر الجنوب فإننا نكون قاصدين البحر الذي يحد صلالة جنوباً. فنذهب الى كورنيش صلالة و الدهاريز.  و أذكر أن هذا الكورنيش كان من أوائل الأمكنة التي أخذنا اليها الأستاذ جميل.   ويقع كورنيش صلالة بمنطقة تسمى الحافة و يقع فيها قصر صاحب الجلالة السلطان قابوس و يعرف بقصر الحصن.   وقد كان هذا الكورنيش يبعد عن مكان سكننا الأول حوالي كيلومتر واحد فقط ولكننا رأيناه كيلومترات كثيرة لأننا لم نكن نملك السيارة.   ولهذا قلت لصديقي الدكتور احمد ذات يوم عندما انشغل عنا الأستاذ جميل المناصرة : ما رأيك بأن نذهب للبحر فقال (يا زلمة شو بده يوصلنا للبحر)، و اخيراً وافق ومشينا له سيراً على الأقدام و إذا به " مقرط العصا" كما يقول البدوي. 

في عام 1990 كان هذا شاطئاً مظلماً و تشكل الظلمة بالإضافة إلى صوت الأمواج المتلاطمة مصدر رعب لمن كان يجلس هناك إلا إذا كان بصحبة آخرين.   أما إذا كان الليل مقمراً والبدر مكتملاً فلا أظن أن هناك ما هو أروع من هذا المنظر.  كذلك لم يكن هذا الشاطئ معموراً إلا من بعض البيوت التي تقفل عليها بابها هرباً من الرطوبة العالية في فصل الخريف.  وبقي على هذا الحال فترة من الزمن طويلة إلا أن بدأ التطور في صلالة سياحيا كما أخبرتكم سابقا فتطور كل شيء، فأصبح الشاطئ معموراً بالمقاهي والمطاعم ( مطاعم دون نجوم طبعا) وأصبح الجلوس منفرداً على هذا الكورنيش مستحيلاً لعدم وجود المكان. كذلك تمت إضاءة الكورنيش فأصبحت الجلسة فيه تختلف عن تلك التي حدثتكم عنها، فتجلس مع من تريد بأحد المقاهي تحتسي الشاي المغربي و تشيش (تأرجل) إذا كنت من هواة الشيشة وتستمتع بهذا الجو الخلاب.  وقد أسلفت الحديث عن أزالة الأنبية والمطاعم بهدف تطوير الكورنيش.  

وتحتوي منطقة الحافة بالإضافة إلى الكورنيش سوقاً تجارياً شعبياً تباع فيه التحف اليدوية بالإضافة إلى البخور و المباخر و العطور التقليدية  الظفارية.  كذلك تكثر محلات بيع الملابس الجاهزة  و أدوات التجميل ومحلات الخياطة  النسائية للأثواب العمانية التقليدية  (بو ذيل) التي تلبسها النساء وخاصة تلك التي يرصعونها بالفصوص وبعض الحلي للزينة في شارع يعرف بشارع الشروق هناك.  وقد كانت الحافة أيضاً  مكانا لشراء واستئجار أشرطة الفيديو و الكاسيتات التي تنسخ هناك وتباع بأثمان رخيصة.  هذه المحلات اختفت كلها بعد تطبيق نظام الملكية الفكرية وحقوق أصحابها، إذ كانت تعيش على نسخ هذه الأشرطة و تأجيرها.

كذلك تحتوي الحافة على العديد من المحلات التي تبيع الحلوى العمانية المشهورة بأنواعها المختلة وأخص بالذكر منها محل "بركاء" لصاحبة  عبد الله العواسي:  ويختلف هذا المحل عن غيره بأن صاحبه العماني يشرف عليه بنفسه لذلك تجد الحلوى العمانية في هذا المحل ذات طعم متميز، وهي التي كنت دائماً أحملها كهدايا للأهل والأصحاب عندما كنا نحضر للأردن بالصيف.

أما الجزء الآخر من الكورنيش و هو الموجود بالدهاريز فقد كان متواضعاً أيضاً إلا أنه كان يحوي فندق الهوليدي إن هناك. وعندما تم التطوير تم ترقية الفندق أو بيعه (لا أدري ما الذي جرى) إلا أنه أصبح يُعرف بالكروان بلازا وهو الذي نقيم به احتفالات النادي الاجتماعي الأردني بأعياد الوطن.  كذلك أقيم منتزه الدهاريز السياحي إضافة لباقي المقاهي.   لكن لا يعتبر هذا ككورنيش الحافة، بل أقل منه جودة.

الجنوب و الجنوب الغربي

أما إذا قررنا الخروج من صلالة باتجاه الغرب أو الجنوب الغربي فإنا بالحقيقة نكون متوجهين إلى مرباط البلدة التاريخية المشهورة بمينائها القديم و بعض الحصون هناك. ولكن وقبل الوصول الى مرباط نتوقف عند بعض الأماكن السياحية التي زرتها. 

عند وصول السيارة إلى ما يعرف بدوار المعمورة نسبة إلى وقوعه إلى جانب قصر المعمورة لصاحب الجلالة  ننحرف يساراً و نتابع السير إلى أن نصل إلى عين  رزات وهي عين ماء من جبال المنطقة وتسيل منها الماء بقناة تسقي الزرع و الحيوانات المنتشرة بكثرة في تلك المنطقة.
 
و قد تم إنشاء حديقة كانت رائعة بفترة التسعينيات تذهب إليها العائلات كل نهاية إسبوع يتناولون الطعام وتلعب الأطفال وتستريح من عناء الأسبوع.

و من الملاحظ أن هناك درج يقودنا الى كهف قديم بالجبل كنا نذهب اليه ونلتقط بعض  الصور و يعرف بكهف صفرار.

عين حمران

 أما إذا كنا اخترنا الرجوع إلى دوار المعمورة للذهاب إلى مرباط  فتلفت نظرنا لافتة مكتوب عليها عين حمران وهي على الطريق إلى مرباط  وتقع على بعد كليو مترات قليلة من الدوار وعلى يمين هذا الطريق.  وهي كباقي العيون  نبع ماء و قناة و مزارع.

عين أثوم

بصراحة لا أجد من الكلمات ما يصف هذه الروعة. وأعتقد أن الصورة قد تغني عن الكلمات.  أيعقل أن يكون هذا المنظر بالخليج!!

عين أثوم والصورة تغني عن الوصف




طاقة

هي اكبر من القرية  وهي أول مكان معمور  نلتقيه قبل مرباط على هذا الطريق. بلدة أثرية و لها ساحل جميل لطيف زرته أكثر من مرة  مع العائلة.

طوي عتير و شلالات دربات

عند الخروج من طاقة وباتجاه مرباط تشير لافتة الى منطقة جبلية مكتوب عليها طوي عتير وفيها ما يعرف بشلالات دربات.  هذه المنطقة تكون في أبهى حللها بالخريف حيث يغطيها الضباب تماماً كباقي المناطق الجبلية.  وتبلغ روعتها هناك بهذه الشلالات الرائعة عندما تنفجر فيها العيون وتسيل منها الماء على شكل شلالات من أعلى الجبل إلى الأسفل فتشكل منظراً  يندر أن تراه في منطقة الخليج.  وللأسف لم أتمكن من زيارة هذه المنطقة الا بعد عام ال 2000 لأن الطريق إلى تلك المناطق لم يكن معبداً، لأن السير عليه قبل ذلك كان خطرا لمن كانت مهارته بالسواقة (سكر خفيف) كما نقول.

جبل سمحان

و من يتابع السير إلى طوي عتير وبعد المدرسة سينعطف شمالاً ليأخذه الطريق إلى جبل سمحان و حفرة طيق.  أما جبل سمحان فيمكن الوصول إليه صعوداً خفيفاً لا تشعر فيه لطول المسافة إذا كنت تذهب هناك للمرة الأولى. لكن الطريق يستمر إلى تصل لآخر الجزء المعبد حيث تجد نفسك فوق السحاب. تقف هناك مأخوذاً بسحر المنظر عندما ترى كل هذه الغيوم تحتك و تنظر إليها من علٍ.

 

وهناك استمرار  للطريق صعوداً لمن يهوى المغامرة إلى أن تصل المحمية الطبيعية وهناك يجب الحذر من الحيوانات المفترسة؛ فهناك النمر العربي والضباع و الثعالب لهذا يجب الحذر إذا أردت الإقامة لفترة هناك.

حفرة طيق

لقد وصلت إلى حفرة طيق (Teeq Sinkhole) بسلوك نفس الطريق ولكن بالانعطاف شمالاً كذلك.  وجدها حفرة مهولة كبيرة عريضة عميقة يقال أنها إثر لنيزك كبير. وصلنا ووقفت على حافتها وتراجعت بعد فترة وجيزة لأن الإنزلاق فيها لا يتم استدراكة وستكون النهاية بقعر الحفرة. يقول أهل المنطقة بأن تحتها عين ماء حلوة وسمك نادر ولكني لم أتمكن من توثيق ذلك أو التأكد منه لصعوبة الوصول الى إلقاع.  سألت عن كيفية الوصول فقالوا  يلزمك أن تدور دورة كبير سيراً على الأقدام لأن المنطقة لا تسمح للسيارات بالمرور  لصعوبتها. 

هذه المنظقة مفتوحة من جانب معين وفكرت لو أن عُمان أغلقت هذه المنطقة لأصبحت بحيرة كبيرة.  لا أظن الفكرة قد غابت عن بال الجماعة طبعاً وربما كان في الأمر ما فيه  هندسيا طبعاً مما يمنع التفكير بانشاء البحيرة.

سمهرهم  و خور روري

بعد النزول من شلالات دربات نستمر بالسير إلى مرباط ونتوقف عن ما يعرف بسمهرم  وهي منطقة أثرية فيها شاطئ هادئ إضافة إلى بناء قديم يقال أنه قصر ملكة سباء قديماً و قد قرأت عنه منشوراً حول هذا الموضوع.  وقبل الوصول اليه أو كجزء من المنطقة ذاتها  يجد ما يعرف عند اهل المنطقة بخور روري وهو منطقة تدور حولها الكثير من القصص أنها ملتقى السَحَرة بالعالم كما يشاع، طبعاً هؤلاء السحرة الخياليون الذين يتنقلون بين مناطق العالم دون جواز سفر أو فيزا. وهم يتداولون قصصاً كثيرة حول هذا الموضوع ولكنها أشبه ما تكون بقصص الغولة (أيام زمان) عندنا بالتراث الأردني كلها منقولة عن أشخاص نقلوها عن أشخاص لم يسمعوا و لم يروا ذلك، ووقع كلها تحت باب " سمعت أنه ذات مرة  أو قالوا أو حدثنا أحدهم أنه سمع ....... وتكتمل القصة ولا تجد فيها ما يدخل العقل؛  لكنها تجد صدى عند بعض الناس الذي تستهويهم القصص الخيالية.

وبمناسبة السِحِر و السَحَرة فقد كان أول ما سمعت بهذا الموضوع من أبناء المناطق الشمالية بالسلطنة والذين كانوا يدرسون عندنا بالكلية، وكان حديثهم عن منطقة نزوى و هي العاصمة التاريخية للسلطة و كذلك عن منطقة بهلاء، و كانوا يروون القصص الكثيرة عن هؤلاء السحرة وأفعالهم.  وكثيراً ما كنت أمازح الطلاب بالمحاضرة في بعض المرات أن الجماعة ( وأقصد جماعة العالم الآخر) ربما يكونوا معنا بالقاعة ونحن لا نراهم  فيضحكون لأني كنت أقول ربما كانوا يتعلمون الإنجليزية كذلك، لكن كان يعقب هذا المزح بعض السكون بالصف.

هذه القصص اختفت وخاصة بين الشباب ولم تعد تسمعها إلا من الكبار بالسن كونها جزءاً من تاريخهم الذي يحبون ذكره  والتغني به دائما.  لكن لا يمنع أن يتندر بها الشباب كنوع من الطرائف، ولم يعد الأمر مخيفاً كما كان من قبل.



جربيب  مرباط

وإذا استمرينا بالسير إلى الأمام باتجاه مرباط نشهد منطقة مفتوحة تشبه جربيب أتين الذي حدثتكم عنه ببداية هذا الفصل، وهذا يعني أن كلمة جربيب ليست مكانا معيناً ولكنها صفة للمكان الفسيح الذي تحيط به الجبال ويكون متنقساً طيباً للعائلات لهوائه العليل وتكثر فيه القباب (التلال الصغيرة) دائماً.  وربما كانت تقابله كلمة السهل عندنا بالأردن.




فندق الماريوت

تشير لافتة مكتوب عليها عبارة فندق الماريوت إلى الفندق الذي يقع بحض الجبل القريب من مرباط، وهو فندق فخم من فئة الخمسة نجوم ، وبقصده السياح والمقيمون والمواطنون للتنزه والراحة، وهو فندق عالي الجودة خدمة وفاتورة كذلك، فمن يذهب هناك يجب أن لا يسأل عن الفاتورة و ارتفاع سعرها.

مرباط

ندخل مرباط فنجدها بلدة قديمة أثرية في الكثير من أبنيتها رغم وجود الكثير من الخدمات لسكان الولاية فهي مركز الولاية؛ ففيها البيوت القديمة وبقايا القلاع والحصون ، إضافة الى الميناء الشهير تاريخياً منذ القدم فهي من الموانئ التي وردت بالتاريخ كأحد موانئ عُمان التجارية مع العالم؛ هذه الأيام يعتبر ميناء صيد إضاقة للتنقل الى بعض الجزر العمانية مثل الحلانيات.


الأحد، 11 سبتمبر 2016

الفصل الثاني - تتمة

عين جرزيز

قبل الصعود الى الجبل تقرأ لافتة مكتوب عليها عين جرزيز، وهي عين ماء تقع في أسفل الجبل تسيل منها الماء في قناة طويلة تسقي سهل جرزيز.  هذه الأيام جفت القناة ولم نعد نرى منها الا أثرا بعد عين.

مقام النبي أيوب. 

و بعد أن نكون قد تزودنا بالديو أو أي مشروب تركب السيارة ونستعد لصعود الجبل الذي يحوي على صعوبة بالصعود، وإذا كان الصعود ليلاً يضاف اليها الظلمة كعقبة أخرى بالإضافة إلى ضيق الطريق باتجاه ما يسمى مقام النبي أيوب عليه السلام.  وقد تم لاحقا إضاءة هذا الطريق و توسعته ولهذا لم يبق الا عقبة الصعود. يأخذنا الطريق مستقيماً مرة و متعرجا مرة أخرى صعوداً ثم صعوداً يتبعه صعود إلى أن نصل قمة الجبل عند منطقة يُقال لها غدو لننحرف يساراً بطريق متعرج نزولا  إلى ساحة على قمة الجبل يقع فيها ضريح البني أيوب عليه السلام.
 
تطل هذه الساحة على صلالة وميناء ريسوت الذي سيأتي الحديث عنه لاحقاً فتشكل الإنارة المنبعثة من المدينه سحراً رائعاً إضافة للنسيم العليل الذي يهب على تلك المنطقة لكونها أعلى منطقة في صلالة حسب معلوماتي. ويستخدم المتنزهون هذه الساحة لطهي الطعام وفيها مكان للعب الأطفال.

وفي الحقيقة سألت زميلي الأستاذ جميل مناصرة عن حقيقة وجود ضريح النبي عليه فقال الناس يتحدثون عن وجوده هنا.  المهم ، يقع هذا الضريح بمنطقة عالية من الجبل وبجانب الضريح قطعة صخرية  محفور عليها حفرتان يقول الناس عنها أنها أقدام سيدنا أيوب عليه السلام، ولا  أدري عن سبب وقوفه على الصخرة تلك فالأمر ليس كمقام إبراهيم عليه السلام الذي كان يقف عليه لبناء الكعبة.  ويتحدث الناس أيضا عن وجود عين ماء في أسفل الجبل التي يقال أن سيدنا أيوب عليه السلام اغتسل بها كما أمره الله.  ويقع حوله مجموعة من القبور التي اندثرت و بقي معالمها و لا يعلم احد لمن هذه القبور. وقد زرت المنطقة لاحقا بعد دخولي عالم اليويتيوب وسجلت كِليباً بصوتي عن النبي أيوب وما حوله ونشرته على اليوتيوب.  كانت بعض التعليقات لا تصدق روايتي كما قالوا عن تسجيلي لدحقة الناقة.

و بمناسبة الحديث عن النبي أيوب لفت نظري أن هناك بلدة بالأردن تسمى الأيوبية ضمن محافظة جرش وفيها لافتة تشير إلى ضريح النبي أيوب، ولم أتمكن من زيارتها.  وكذلك شاهدت على قناة إقراء ذات مرة تقريراً عن مقام النبي أيوب عليه السلام في سوريا.  وهذا يعني أنني لغاية كتابة هذه السطور قد علمت بثلاثة أماكن مختلفة تحتوي ضريح هذا النبي الصابر أيوب عليه السلام من الله.

ضريح النبي عمران

و بما أن الحديث عن مقامات الأنبياء فهناك ضريح غريب الشكل يقع بمنطقة نمرة خمسة  بصلالة بجانب بلدية ظفار يطلق عليه ضريح النبي عمران، وكان هذا من أوائل المناطق التي أخذنا اليها الأستاذ جميل المناصره.  وأول ما يلفت النظر في هذا المكان أنه يشبه مزاراً باكستانياً فمعظم الذين يزورونه من الباكستانين أو الهنود المسلمين هناك ويمارسون طقوسهم كالطواف حول الضريح والتبخير ودفع النقود هناك التي توضع في صحن يجمعها الشيخ (و هو أيضا باكستاني) وينفقها كما يقولون على الأسر الفقيرة من الباكستانيين و الهنود هناك.

عندما تدخل هذا الضريح يدهشك أكثر من أمر فهو كله من البلاط الثمين، وبهذا يختلف عن ضريح النبي أيوب عليه السلام الذي يقوم عليه بناء متواضع جداً.  ويغطي ضريح النبي عمران هذا السجاد الثمين نسبياً و بهذا تشعر انك تقف في مكان مقدس بالنسبة للإخوة الباكستانيين والهنود، وبالمناسبة قليلاً ما كنت أرى الإخوة العمانيين هناك لاعترافهم بأن هذا حق الباكستانية، باستثناء بعض الإدلاء السياح الذي يحضرون بمجموعات إلى صلالة فيحضرهم الدليل إلى هذا الضريح كمعلم سياحي، وإن كنتُ لا أحبذ هذا طبعا فالفكره التي يعود بها السائح عن هذه الطقوس التي يراها من الإخوة الباكستانية أكثر ضررا من دريهمات معدودة قد تعود على البعض من هذا التسويق لهذا الضريح.

و بعد أن يخرج المسلم من صدمة الطواف حول الضريح و التبخير  يقع تحت صدمة أخرى وهي طول الضريح.  فبينما أنا أمعن النظر بذلك الباكستاني الذي يضع يديه على صدره ويدعو بما شاء بطريقة تنم عن الخشوع الزائد، التفتُ إلى صديقي الدكتور أحمد العودات (دكتوراه بالتاريخ الإسلامي) فوجدت مشغولاً بشيء آخر و هو قياس طول الضريح (بالفحجة) وبعده توصلنا إلى طريقة أكثر دقة و هي أن نعد البلاطات في أرضية البناء و بلغ عددها 72 بلاطة، وكان طول البلاطة 40 سم فإذا بطول صاحب الضريح الذي يطلقون عليه النبي عمران حوالي 29 متراً، وبعدها بفترة تجرأت وسألت الشخص المقيم هناك عن هذا الطول الفارع فقال لي ( نبي واجد طويل) أي انه طويل كثير.  وكثيراً ما كان الدكتور أحمد يستنكر ذلك ويقول لم نسمع بمثل هذا الطول لأي من الأنبياء المعروفين.

 وقد كان الاعتقاد في ذلك الوقت أن هذا هو ضريح عمران أبي السيدة مريم والدة السيد عليهما السلام  وكنا نستغرب من سبب مجيئه من فلسطين والأردن  الى عُمان ليدفن هنا في صلالة،  لكن عرفنا لا حقا أنه وربما نتيجة التقارب العماني مع القارة الهندية أيام الإمبراطورية العمانية تواجد الكثير من المسلمين الهنود قبل معرفة باكستان وكان هؤلاء يطلقون عن الصالح المؤمن لقب نبي، ولهذا أطلق لقب النبي عمران عن أحد الصالحين وأقيم عليه هذا الضريح؛ أما قضية الطول فقد جاءنا توضيح أنه ربما كان هذا يحوي قبر الصالح و أولاده، لهذا جاء طويلا بهذا الشكل.   وهذا ما خلصنا إليه بخصوص هذا الضريح، و هي معلومات استقيتها من الأشخاص الذي يتعاملون مع ذاك الضريح؛ فهي أيضا مجرد أقاويل لتبرير الإسم وطول للضريح.  وغير ذلك لم أجد مصدراً يعطي معلومة واضحة حول هذا الضريح.

أضرحة أخرى : دحقة ناقة صالح

تنتشر في محافظة ظفار و في صلالة الكثير من الأضرحة لأشخاص وأنبياء  منهم من هم أبناء هود عليه السلام ومنهم من هو من أبناء نوح عليه السلام  في الطريق إلى مرباط، و منهم ربما لأشخاص لا يعرفهم أهل المنطقة كالمقام الذي يقع بمنطقة الدهاريز قرب الشاطئ، و قد سألت أحد الأصدقاء عنه فقال و الله ما ادري.  ويبدو أن القضية تعود الى احترام هذا المناطق و أهلها قديما بأهل العلم والصلاح فأقاموا عليها الأضرحة تبركاً بها، ولا أحد يعلم تاريخ هذه المقامات باستثناء ما يُكتب على المقام نفسه.

 لكن ما يدهش هو وجود مكان يعرفه أهل صلالة جميعا في منطقة القرض بصلالة للصخرة التي خرجت منها ناقة صالح عليه السلام، ويطلقون عليها الدحقة.  وعندما زرت هذه المنطقة وجدتها صخرة كبيرة كأنها كانت جزءاً من جبل أو شيء مرتفع لم يبقى منه الا تلك الصخرة و يقولون أن هذه هي الصخرة التي خرجت منها ناقة سيدنا صالح، و فيها بعض النتوءات و كذلك يغطي بعض أجزاءها  اللون الأحمر في إشارة الى أنهم عقروها لتلك الناقة.  و هو مكان سياحي يقوم على العناية به موظف هناك، وتظهر لوحة على باب المكان مكتوب عليها أنها كذلك.


و بالمناسبة فقد سجلت فيديو كليب عن هذه المناطق و علقت عليه بصوتي  و رفعته على اليوتيوب، وقد نال نقداً كثيراً من المشاهدين لأن منهم من قال أن المكان في السعودية.

الاثنين، 5 سبتمبر 2016

الباب الثاني - الفصل الثاني

الفصل الثاني

محافظة ظفار

لم تكن محافظة ظفار تعرف بهذا الاسم عام 1990 بل كانت تُعرف بالمنطقة الجنوبية وتحمل لوحات السيارات فيها حرف (ج) إضافة إلى رقمها. وتقع هذه المحافظة بالجزء الجنوبي من السلطنة، ورغم أنها تشكل العاصمة الثانية للسلطنة إلا أنها تبعد عن العاصمة الأولى مسافة تزيد عن الألف كيلومتر، بطرق بري طويل ويتشكل معظمه من ثمريت إلى أدم من خط مستقيم مما يشكل صعوبة بالتركيز لمن يسلكه أول مرة، لأنه ربما يأخذه النعاس لرتابة الطريق رغم وجود بعض محطات التزود بالوقود في الطريق. كذلك هناك رحلتان للطيران العماني (ارتفع العدد إلى أربع رحلات لاحقاً) من مسقط إلى صلالة لمن أراد الراحة والتعجل. لكن الملاحظ أن تذاكر السفر على الطيران بارتفاع مستمر وعدد الرحلات متذبذب لكنه بالمواسم السياحية يرتفع إلى أكثر من ذلك. أما تذاكر السفر بالباصات فهي في انخفاض، وازدادت شركات الحافلات البرية الناقلة، فكانت بعام 1990 شركتان (النقل الوطني وشركة الخليج) لترتفع إلى حوالي عشرة شركات هذه الأيام. طبعاً هناك دعوات إلى العلي القدير أن تضاف شركات ناقلة جوية أخرى للملاحة الجوية حتى تخفف أسعار التذاكر لأن البعض يعتقد أن أسعار التذاكر مرتفعة بسبب عدم وجود خطوط ملاحية جوية منافسة للطيران العماني الناقل الوحيد.    

تبلغ مساحة محافظة ظفار حوالي 100000 كم مربع و إجمالي عدد السكان هو  214.331 نسمة كما جاء بموقع وزارة الإعلام العمانية عند كتابة هذه المعلومة. و إذا ما قارنا هذه المحافظة بالمملكة الأردنية الهاشمية نجد أنها تفوق الأردن مساحة حيث تبلغ مساحة الأردن حوالي 86000 كيلومتر مربع. أما عن عدد السكان فالوضع مختلف طبعا فالأردن تجاوز عدد سكانه ال ستة ملايين ونصف بدون اللاجئين طبعاً.

صلالة

أما صلالة المركز الرئيس لمحافظة ظفار فإنها تنقسم إلى عدة مناطق أجد صعوبة في بعض المرات للتفريق بينها.  فمنطقة صلالة القديمة في وسط المدينة قريباً من الجامع الكبير ومقابله إلى أوائل شارع السلام. وقد كنت أمر من بين البيوت القديمة خلف العمارة التي كنت أسكنها كما أسلفت سابقاً، وهي بقايا بيوت ولا أحد يسكنها بالغالب باستثناء بعض الحجرات القديمة التي تسكن فيها بعض العمالة الأسيوية، و هذه العمالة تجدها أينما ذهبت و في كل مجال ، و لكن دورهم أخذ بالتناقص حديثا نظراً لسياسة التعمين التي انتهجتها الحكومة، فلم نعد تراها إلا بالوظائف الدنيا في بعض القطاعات الحكومية باستثناء التعليم العالي و الصحة.

تطورت صلالة وامتدت بأكثر من اتجاه قبل أن أحضر إليها عام 1990 فكانت صلالة الجديدة والغربية والقوف والقرض والحصيلة والدهاريز والحافة وكذلك امتدت الى منطقة السعادة القريبة من الجبل.  ومن دفتر الذاكرة عن السعادة  في بداية التسعينيات أنها كانت تنقصها الخدمات الرئيسة كالشوارع المعبدة أو المحال التجارية، ولهذا لم تكن مطلباً للسكن، وكانت تؤجر البيوت للسكن الحكومي للموظفين الوافدين فقط.  لكن الحال تغير بالسعادة بعد سنة 2000 فأصبحت محطاً للأنظار نتيجة بعدها عن الضوضاء وتوفر كل الخدمات التي يطلبها الساكن هناك.  

ويحيط بصلالة منطقة سياحية رائعة تخرج إليها العائلات العمانية أو الوافدة للتنزه وهي سهل أتين وسهل مرباط إضافة إلى الكورنيش الذي كان متواضعاً في تلك الفترة ولم يشهد حركة تجارية إلا بعد انتشار ظاهرة المقاهي والشيشة فأصبح يرتاده الناس بشكل يومي وخاصة يومي الخميس والجمعة سواء للتنزه أو لممارسة بعض أنواع الرياضة وخاصة لعبة كرة الطائرة الشاطئية هناك. عند مراجعة الكتاب وفي نهاية 2014 وبداية 2015 تم استملاك كل البيوت الواقعة على الكورنيش، وإزيلت كاملة بهدف توسعة الكورنيش وتطويره سياحياً ليكون معلما بارزاً في صلالة.      


و من دفتر الذاكرة أيضا حول صلالة كما أسلفت سابقاً أن مختار قبيلتي (شيخ قبيلتي) أبو يحيى كان أول شخص سألته عن صلالة عندما علمت بموضوع إعارتي اليها لخبرته.  فقال لي أطال الله عمره : عمو روح وانت مغمض، فصلالة مثل أريحا، فما قصة أريحا ؟

أريحا (Jerrico) مدينة تقع بالضفة الغربية لنهر الأردن فكانت تحت السيادة الأردنية في تلك الأيام.  يعرفها العالم بتاريخها القديم وسياسياً عندما ظهرت كجزء من اتفاقية السلام الإسرائيلية الفلسطينية بما يعرفه العالم اتفاق غزة وأريحا. لكن لندع السياسة والتاريخ جانباً، ما علاقتها بصلالة؟ وما هو وجه الشبه؟

تقع أريحا قريبة من نهر الأردن لذلك فهي حارة مناخياً لأنها بمنطقة الأغوار و هي ذات خضرة دائمة لأنها محاطه ببيارات (مزارع) الموز و الفواكه، فوجه الشبة هي الماء و الخضرة و أكيد الوجه الحسن كما قال الشاعر.  ومن لا يعرف الأغوار أوضح أنها المنطقة المحاذية لامتداد نهر الأردن وصولاً الى البحر الميت أخفض منطقة في العالم عن سطح البحر. لذلك طقسه حار صيفاً دافئ شتاء.

هذه المعلومة من مختارنا أبي يحيى لم تجعلني بحِيرة عندما كان يأخذنا الأستاذ جميل بجولات بصلالة وحولها كالحيرة التي كانت تغطي وجه الوافدين الجدد الذي يزورون صلالة لأول مرة، فالمعلومة لدي، ولكنني كنت أبحث بعيني لتوثيق المعلومة. وفي الحقيقة لا بد من توجيه الشكر للأستاذ جميل على جهوده الرائعة.   

كان أول عمل قمت به بعد امتلاكنا للسيارة المازدا هي جولة مع الأسرة كدليل طبعا وليس مرافقاً حول صلالة، فانطلقنا إلى المطار ثم البحر ثم مزارع الحصيلة دون ترتيب فكان المهم أن نخرج في كل الأماكن التي أخذنا اليها الأستاذ جميل وأضفنا اليها أماكن أخرى طبعاً لاحقاً. و سأحدثكم عن هذه المناطق وعن صلالة عموما في هذه الفترة الطويلة في الفصل الثالث.  



الجمعة، 2 سبتمبر 2016

الباب الثاني

الباب الثاني

الفصل الأول
سلطنة عُمان

هذه مقدمة لا بد منها للتعرف على هذا البلد الخيّر؛ مقدمة كما عرفتها بنفسي دون الرجوع إلى أي مرجع تاريخي، فلا أريد الخروج عن الخط الواضح لهذا المشروع كسيرة ذاتية ذات أبعاد اجتماعية. لهذا من أراد التوثيق فيمكنه الرجوع للمصادر ذات العلاقة؛ هذه فقط من دفتر الذاكرة. لهذا لا أنصح باعتماد هذا الجزء من الكتاب كمرجع للدارسين.

تقع سلطنة عمان بالجزء الجنوبي الشرقي من الجزيرة العربية ومساحتها كما علمت حوالي ال 300000 ا كيلومتر  مربع وعدد سكانها كما يأتي بنتائج التعداد السكاني 2331391.  وتنتشر السلطنة بهذا البقعة من الجزيرة العربية بشكل طولي من الإمارات العربية شمالاً إلى حدود اليمن جنوباً على ساحل طويل على بحر العرب يبلغ طوله المستعمل حوالي 1700 كيلومتر.  ويعطيها هذا الطول تنوعا بالمناخ طبعا خاصة إذا علمنا أن مدار السرطان يقطع مسقط وينصفها نصفين؛ لهذا هناك المناخ المداري بالشمال والصحراوي بالوسط  ومناخ ما يعرف باللهجة المحلية الظفارية هنا بالخريف والذي سأفرد له بابا خاصاً لأنه يستحق ذلك عن جدارة.  

وقد كانت تتشكل التقسيمات الإدارية بسلطنة عمان عند حضوري إليها على النحو التالي: المحافظات والمناطق والولايات و النيابات.   وقد كانت المحافظات عند قدومي للسلطنة محافظتين فقط وهما مسقط ومسندم.  لكن مع تطور الأيام تم ترقية المناطق الى محافظات. هذه الأيام فإن السلطنة تتكون من إحدى عشرة محافظة موزعة على النحو التالي:

و للتوضيح نبين أن محافظة مسندم  تقع في الأراضي العمانية خارج حدود السلطنة، ويستلزم الذهاب إليها بالنسبة للوافدين (الاسم العماني للأجانب) الحصول على تصريح من دائرة الهجرة و الجوازات يتيح لهم السفر إلى أراض عمانية خارج حدود السلطنة بالطريق البري الذي يمر بالإمارات العربية المتحدة.  وعادة ما يستعمل الوافدون هذا التصريح للذهاب إلى دبي ومنها إلى باقي الإمارات.  سمعت أن هذا تغير وتبدل بحيث يقتضي على الوافد الحصول على الفيزا للدخول إلى الإمارات.  

ترتبط السلطنة بمنافذ برية مع الدول المجاورة باستثناء المملكة العربية السعودية التي لم تنتهي بعد من استكمال الطريق البري من الجانب السعودي إلى المنفذ لطول المسافة، وقد سمعت أنها ستنتهي منه آخر العام وبالمناسبة مرت أعوام ولم يتنهِ العمل، وبهذا ستختصر المسافة اللازمة للسفر براً إلى الأردن حيث أنه لن يكون لزاماً عليهم السفر عن طريق الإمارات كما هو الحال حاليا.  ولا أدري متى سيتم افتتاح هذا الخط الحيوي.