يوم التقاعد
الأول من شهر نوفمبر تشرين الثاني عام 2015 بدأت صباحي
متقاعداً من سلك العمل العام محاضراً في الكلية التقنية بصلالة سلطنة عُمان بسبب
بلوغ السن القانوني (60 سنة). تقاعد المغترب يعني أن يأخذ مكافأته عن سنوات الخدمة
ويعود إلى بلده محملاً بالذكرىات؛ إذ لا راتب تقاعدياً للمغترب.
وللتوثيق فقد جاءني الإشعار بهذا القرار قبل موعده بسنة
ونصف حتى أستعد لهذا اللحظة. وفي الحقيقة عيش هذه اللحظة لا يقارن أبداً بالحديث
عنها. فالحديث سهل جداً لأنه يأخذ الجانب النظري؛ في حين عيشها يحتاج إلى وقت لاستيعاب
التغيير الجديد؛ فليس من السهل أن تتصور نفسك بالبيت وزملاؤك بالعمل لا لشيء إلا
أنك أصبحت على الرف؛ نعم هي على الرف طبعاً
وإن كان المنظرون يحاولون دائما أن يأطروها بإطار جميل.
وفي أجواء التقاعد
الذي أعيشه الان أحاول أن أجد لنفسي تبريراً جميلا بأنني أستحق الراحة رغم
أنني بصحة ممتازة بفضل الله، ولكني أذكر نفسي بأنني كنت استعد لهذا بأن أعلنت لكل
من حولي قبل سنتين تقريباً بابتهاج أنني أقارب على الستين. فلا أظن أن أحداً ممن
حولي لم يعرف بهذا الخبر. لقد كان الإعلان عنه بمثابة الاحتفال حقاً. في حين أن من حولي من الزملاء لا يعرف أحد حقيقة
عمرهم رغم أن بعضهم يقارب على السبعين من عمره. يبقى السؤال لماذا يذهب ابو الستين
ويبقى أبو السبعين. هذا ما ربما سأعرج
عليه لاحقاً.
إضافة لهذا الجو الاحتفالي أظن ربما وبين سطرين ربما كنت
استبق خبر عودتي للاردن بإعطاء السبب حتى لا يخطر ببالي من يقابلني بأن سبب عودتي
هو إنهاء الخدمة أو ما يعرف بالتفنيش، ولكنه بلوغ السن القانوني. ولقد ضحكتُ كثيراً
عندما لم تمدد لي خدمتي لسنة أو أكثر إضافية كما حدث مع غيري فقلت ربما كنت حسدت
نفسي بنفسي. وربما كان من قبيل ما يعرف
بالانجليزي ( NEGATIVE THOUGHTS BRING NEGATIVE THINGS ) كما قالت ابنتي لأخيها ذات مرة
بنقاش بينهما حول قضية معينة. أنا كنت في
جو التقاعد نفسياً فكيف يمكن أن يمدد لمن يعد نفسه للتقاعد. فالأفكار السلبية تؤدي
أحياناً إلى نتائج سلبية.
حتى نبرئ ذمتنا أمام أنفسنا وعائلاتنا ودرءً لأي سؤال أو
استفسار أقول أنني تقدمت قبل سنة بطلب لتمديد خدمتي أسوة بالزملاء؛ سمعنا الكثير
من الكلام الطيب وقرأنا ببعض المراسلات ما نفخر به ولكن مشيئة الله كانت أن لا
يمدد لي ويمدد لزملائي. وكنت أحاول طيلة
مدة إقامتي أن أحصل على سبب مقنع لماذا رفض طلبي ولم يرفض طلب غيري إلا أن كل ما سمعت لا يصمد أمام
النقاش العقلي أبدا ولكن يعجبني تفسير العُمانيين لمثل هذه الأمور " سبحان
الله" وهكذا كانت النتيجة.
وبما أن الشيء بالشيء يُذكر وربما أيضا من قبيل الأفكار السلبية تؤدي الى نتائج سلبية أذكر أنني ورغم الوعد من الوزارة بأن استمر بالعمل حتى
يتابع موضوعي لتلافي الاشكال الذي حصل إلا أنني صدعت بأمر العمادة بالكلية بأن
أتوقف عن العمل بتاريخ التقاعد إلى أن يأتي خبرٌ من الوزارة؛ فقمت بتنظيف المكتب
وأخذ أشيائي الخاصة وغادرت المكتب وأذكر تعليقاً للزميلة خيار العمري يا أستاذ
طلال انت راجع (ليش كذا) وتعني لماذا أخذت كل شيء؛ فأجبتها سيعود كل شيء إلى مكانه عندما نعود إن شاء الله.
لكن جزاهم الله خيرا بالكلية بأن أمهلوني حتى يُنهي
الأولاد الدراسة في المدارس ولكن على نفقتي الخاصة؛ فغادرت سكن الحكومة وبدأت
الصرف من مكافأتي الخاصة كما لو كنت ما زلت على رأس عملي.
وسلامتكو.
طبعا للحديث
شجون ولكن ليس كل ما يعلم يقال وليس كل ما يقال كان وقته وليس كل من كان وقته حضر
أهله. باختصار أخذت بنصيحة زوجتي أم
محمد رفيقة الدرب بأن نتجاوز ما يكدر
الخاطر ونحتفظ بالطيب من الذكريات للغربة في صلالة لمدة ربع قرن ففيها الكثير
الكثير من الطيبات.
وعزائي أنني عشت حياتي
في الغربة كما أريد. كنت حاضراً
(فعلاً لا جسما) في كل مجال حولي ولم أكن سلبياً أبداً.
السيد فرحات بيه.
من هو السيد فرحات بيه ؟ ربما
أحدثكم عنه لاحقا.
مساء الخير
ردحذفرأيت الدنيا ببساطه لا تستحق كثيرا من التحليل ولا يمنع الوقوف قليلا عند المفاصل الله يوفقك
صدقت يا صديقي العزيز. لكن هي مجرد فضفضة. شكرا لك ودمت بخير.
حذفمساء الخير
ردحذفرأيت الدنيا ببساطه لا تستحق كثيرا من التحليل ولا يمنع الوقوف قليلا عند المفاصل الله يوفقك
يسلمو
حذف